قوله: { صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ }. صراط بدل من الأول. والذين أنعم عليهم هم الأنبياء صلوات الله عليهم والصدِّيقون والصالحون بدلالة قوله:{ فَأُوْلَـٰئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّينَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّالِحِينَ } [النساء: 69]. وقيل: هم أصحاب النبي [عليه السلام]، قاله الحسن. وقيل: هم المؤمنون من بني إسرائيل الذين لم يغيروا ولا بدلوا، بدليل قوله:{ يَٰبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ ٱلَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ } [البقرة: 40]. فلذلك قال هنا: { صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ }. وقيل: هم المسلمون. وقال أبو العالية: " هم محمد [عليه السلام] وأبو بكر وعمر ". وقال قتادة: " هم الأنبياء خاصة ". وقال ابن عباس: " هم أصحاب موسى قبل أن يبدلوا ". وهذا دعاء أمر الله عز وجل رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين أن يدعوا به وألا يكونوا مثل المغضوب / عليهم - وهم اليهود -، ولا مثل الضالين - وهم النصارى -، ولا على صراطهم. ودخلت " لا " في قوله: { وَلاَ ٱلضَّآلِّينَ } لئلا يتوهم أن { ٱلضَّآلِّينَ } عطف على { ٱلَّذِينَ } في قوله: { صِرَاطَ ٱلَّذِينَ }. فبدخول " لا " امتنع أن يتوهم متوهم ذلك إذ لا تقع " لا " إلا بعد نفي أو ما هو في معنى النفي. وقيل: " لا " زائدة. وقيل: هي تأكيد بمعنى: " غير ". ولم يجمع { ٱلْمَغْضُوبِ } ، لأنه في معنى الذين غضب عليهم / فلا ضمير فيه إذ لا يتعدى إلا بحرف جر. فلو قدرت فيه ضميراً، كنت قد عديته إلى مفعولين أحدهما بحرف جر / وهذا ليس يحسن فيه. إنما تقول: " غضبت على زيد " و " غضب على زيد ". فالمخفوض يقوم مقام الفاعل. وكذلك { عَلَيْهِم } في موضع رفع يقوم مقام المفعول الذي لم يسم فاعله. والهاء والميم يعودان على الألف واللام. والغضب من الله البعد من رحمته. والضلال الحيرة. " و { غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ } " خفض على النعت " للذين " من قوله { صِرَاطَ ٱلَّذِينَ } ، وحَسَنٌ ذلك لأنه شائع لا يراد به جمع بعينه فصار كالنكرة، فجاز نعته " بغير " ، و " غير " نكرة وإن أضيفت إلى معرفة. ويجوز أن تخفض " غير " على البدل من [الذين. وقد قرئ] بالنصب على الحال أو على الاستثناء، وقد شرحت هذا في كتاب: " مشكل الإعراب " بأشبع من هذا. ويقول المأموم إذا سمع { وَلاَ ٱلضَّآلِّينَ }: آمين. ويقولها وحده. واختلف في قول الإمام إياها عن مالك. و (آمين)، قيل: هو اسم من أسماء الله تعالى. وقيل: هو دعاء بمعنى: " اللَّهم استجب ".