الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ }

قال أبو محمد: نذكر في هذا الموضع جملة من علل النحويين في { بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ } ، ونستقصي إن شاء الله ذلك في سورة النمل إذ هي بعض آية هناك بإجماع.

فمن ذلك أن في كسر الباء قولين:

- أحدهما: إنها كسرت لتكون حركتها مشبهة لعملها.

القول الثاني: إنها كسرت ليفرق بين ما لا يكون إلا " [حرفاً وبين ما] قد يكون اسماً نحو الكاف، وكذلك لام الجر.

وأصل الحروف التي تدخل للمعاني أن تكون مفتوحة لخفة الفتحة نحو حروف العطف وألف الاستفهام وشبهه.

ولكن خرجت الباء واللام عن الأصل للعلة التي ذكرنا.

وقيل: إنما كسرت لام الجر للفرق بينها، وبين لام التأكيد في قولك: " إن هذا لزيد " إذا أردت أن / المشار إليه هو زيد، وإذا أردت أن المشار إليه في / ملك زيد كسرت اللام.

ويدل على أن أصلها الفتح أنها تفتح مع المضمر إذ قد أمن اللبس لأن علامة المجرور خلاف علامة المرفوع. تقول: " هذا له وهذا لك " ، وأيضاً فإن الإضمار يرد الأشياء إلى أصولها. هذا أصل مجمع عليه في كلام العرب، وسترى منه أشياء فيما بعد إن شاء الله.

ومن ذلك أن " اسما " فيه أربع لغات: " اسم " بكسر الألف وبضمها، و " سِم " بضم السين وبكسرها. فَمن ضَم الألف في الابتداء جعله من " سما يسمو " إذ ارتفع " كدعا يدعو ". ومَن كسرها جعله من [سَميَ يَسْمَى] " كرَضِيَ يَرْضَى ".

قال ابن كيسان: " يقال: " سموت وسميت كعلوت وعليت، وأصله سُمْوٌ أو سِمْوٌ على [وزن] فُعْلٌ أو فِعْلٌ، ثم حذفت الواو استخفافاً لكثرة الاستعمال.

فلما تغير آخره غير أوله بالسكون، فاحتيج إلى ألف وصل ليوصل بها إلى النطق بالساكن وهو السين المغيرة إلى السكون ".

واختلف في كسرة الألف المجتلبة. فقيل: اجتلبت ساكنة وبعدها ساكن فكسرت لالتقاء الساكنين.

وقيل: بل اجتلبت مكسورة، وإنما ضمت إذا كان الثالث من الفعل مضموماً لاستثقال الخروج من كسر إلى ضم /، وضمت الألف إذا كان الثالث من الفعل مضموماً ليخرج الناطق من ضم إلى ضم، نحو: " أُقْتل، أُخْرج " ، فذلك أسهل من الخروج من كسر إلى ضم.

وقيل: بل أصلها السكون لكن لا بد من حركتها إذ لا يبدأ بساكن فأتبعت ثالث الفعل، فكسرت إذا كان الثالث مكسوراً نحو " إضرب ". وضمت إذا كان الثالث مضموماً نحو " أُقْتُل ". ولم تفتح إذا كان الثالث مفتوحاً لئلا تشبه ألف المتكلم فكسرت، وكان الكسر أولى بها / والثالث مفتوح لأن الخفض والنصب أخوان، وذلك نحو: " اصنع ".

السابقالتالي
2 3 4