الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ يَتَوَفَّى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْمَلاۤئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ } * { ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّٰمٍ لِّلْعَبِيدِ }

قلت: جواب لو محذوف أي: لرأيت أمراً عظيماً، والملائكة: فاعل يتوفى فلا يوقف على ما قبله، ويرجحه قراءة ابن عامر بالتاء، ويجوز أن يكون الفاعل ضمير الله، و الملائكة مبتدأ، و يضربون: خبر، والجملة: حال من الذين كفروا، والرابط: ضمير الواو، وعلى هذا فيوقف على ما قبله، وعلى الأول يضربون: حال من الملائكة، وذُوقوا: عطف على يضربون على حذف القول، أي: ويقولون ذوقوا. و ذلك: مبتدأ، بما قدمت: خبر، و أن الله: عطف على " ما " للدلالة على أن مقيدة بانضمامه إليه. انظر البيضاوي. يقول الحق جل جلاله: { ولو ترى } يا محمد، أو يا من تصح منكم الرؤية، حال { الذين كفروا } حين تتوفاهم { الملائكةُ } ببدر، أو مطلقاً، وهم { يضربون وجوهَهُم وأدبارَهم } ، أو حين يتوفاهم الله ويقبض أرواحهم، حال كونهم الملائكة يضربون وجوههم وظهورهم، أو أستاهَهُم، لرأيت أمراً فظيعاً. { و } يقولون لهم: { ذُوقوا } أي: باشروا { عذابَ الحريق } يوم القيامة بشارة لهم بما يلقون من العذاب في الآخرة. وقيل: تكون معهم مقامع من حديد، كلما ضربوا التهبت النار منها، { ذلك } العذاب إنما وقع بكم { بما } بسبب { قدمت أيديكم } أي: بما كسبتم من الكفر والمعاصي، { وأَنَّ الله ليس بظلام للعبيد } حتى يعذب بلا سبب، أو يهمل العباد بلا جزاء. الإشارة: قد ذكر الحق جل جلاله حال الكاملين في العصيان في هذه الآية، وذكر في سورة النحل الكاملين في الطاعة بقوله:الَّذِينَ تَتَوَفّاَهُمُ المَلائَكَةُ طَيِّبِين } [النحل:32] الآية، وسكت عن المخلطين، ولعلهم يرون طرفاً من هذا أو طرفاً من هذا، والله تعالى أعلم. ثم ذكر حال المتقدمين من الجبابرة، فقال: { كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ }.