الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ ٱلْبَيْتِ إِلاَّ مُكَآءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ }

يقول الحق جل جلاله: { وما كان صلاتهم } التي يصلونها في بيت الله الحرام، ويسمونها صلاة، أو ما يضعون موضعها، { إلا مكاءً } أي: تصفيراً بالفم، كما يفعله الرعاة، { وتصديةً } أي: تصفيقاً باليد، الذي هو من شأن النساء، مأخوذ من الصدى، وهو صوت الجبال والجدران. قال ابن جزي: كانوا يفعلون ذلك إذا صلى المسلمون، ليخلطوا عليهم صلاتهم. وقال البيضاوي: رُوي أنهم كانوا يطوفون بالبيت عراة، الرجال والنساء، مشبكين بين أصابعهم، يصفرون فيها ويصفقون، وقيل: كانوا يفعلون ذلك إذا أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يُصلي، يخلطون عليه، ويرون أنهم يصلون أيضاً، ومساق الآية: تقرير استحقاقهم العذاب المتقدم في قوله: { وما لهم ألا يعذبهم الله } ، أو عدم ولايتهم للمسجد، فإنها لا تليق بمن هذه صلاته.هـ. قال تعالى: { فذوقوا العذاب } الذي طلبتم، وهو القتل والأسر يوم بدر، فاللام للعهد، والمعهود: أو ائتنا بعذاب أليم، أو عذاب الآخرة، { بما كنتم تكفرون } أي: بسبب كفركم اعتقاداً وعملاً. الإشارة: وما كان صلاة أهل الغفلة عند بيت قلوبهم إلا ملعبة للخواطر والهواجس، وتصفيقاً للوسواس والشيطان، وذلك لخراب بواطنهم من النور، حتى سكنتها الشياطين واستحوذت عليها، والعياذ بالله، فيقال لهم: ذوقوا عذاب الحجاب والقطيعة، بما كنتم تكفرون بطريق الخصوص وتبعدون عنهم. والله تعالى أعلم. ولما سلمت عير قريش من النبي صلى الله عليه وسلم، ووقعت غزوة بدر، وكان مات فيها صناديدهم، حبس أبو سفيان ذلك المال، وأنفقه في حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله في ذلك، وفي غيره، ممن أنفق في إعانة الكفار على حرب المسلمين قوله: { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ }.