الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَآءَكُمُ ٱلْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُؤْمِنِينَ }

يقول الحق جل جلاله لكفار مكة على جهة التهكم: { إن تستفتحوا } أي: تطلبواالفتح، أي: الحكم على أهْدى الفئتين وأعلى الجندين وأكرم الحزبين { فقد جاءكم } الحكم كما طلبتم، فقد نصر الله أعلى الجندين وأهدى الفئتين وأكرم الحزبين، وهو محمد صلى الله عليه وسلم وحزبه، { وإن تنتهوا } عن الكفر ومعاداة الرسول، { فهو خيرٌ لكم } لتضمنه سلامة الدارين وخير المنزلين، { وإن تعودوا } لمحاربته { نعد } لنصره، { ولن تغني } تدفع { عنكم فئتكم } جماعتكم { شيئاً } من المضار { ولو كثُرت } فئتكم، إذ العبرة بالنصرة لا بالكثره، { وإن الله مع المؤمنين } بالنصر والمعونة. ومن قرأ بالفتح فعلى حذف الجار، أي: ولأن الله مع المؤمنين، وقيل: الخطاب للمؤمنين، والمعنى: إن تستنصروا فقد جاءكم النصر، وإن تنتهوا عن التكاسل في القتال، والرغبة عما يختاره الرسول، فهو خير لكم، وإن تعودوا إليه نعد عليكم بالإنكار، أو تهييج العدو، ولن تغني، حينئذٍ عنكم كثرتكم إذ لم يكن الله معكم بالنصر، فإنه مع الكاملين في إيمانهم. قال البيضاوي. الإشارة: إن تستفتحوا أيها المتوجهون، أي تطلبوا الفتح من الله في معرفته، فقد جاءكم الفتح، حيث صح توجهكم وتركتم حظوظكم وعلائقكم، لأن البدايات مَجْلاَةُ النهايات، من وجد ثمرة عمله عاجلاً فهو علامة القبول آجلاً، وإن تنتهوا عن حظوظكم وعوائقكم فهو خير لكم، وبه يقرب فتْحُكُم، وإن تعودوا إليها نعد إليكم بالتأديب والإبعاد، ولن تغني عنكم جماعتكم شيئاً في دفع التأديب، أو البعد ولو كثرت، وأن الله مع المؤمنين الكاملين في الإيمان بالنصر والرعاية. ثم أمر بالسمع والطاعة، فقال: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ }.