قلت: { أُمَمًا }: مفعول ثانٍ لقطَّعنا، أو حال، وجملة { منهم الصالحون }: صفة، وجملة { يأخذون }: حال من فاعل ورثوا، و { يقولون } عطف على { يأخذون } ، أو حال، والفعل من { سيغفر }: مسند إلى الجار والمجرور، أو إلى مصدر { يأخذون } ، و { أن لا يقولوا }: عطف بيان من { ميثاق الكتاب } ، أو تفسير له، أو متعلق به، أي: لأن لا يقولوا، و { درسوا }: عطف على { ألم يُؤخذ } من حيث المعنى، أي: ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب ولم يدرسوا ما فيه، أو حال، أي: وقد درسوا، و { الذين يُمَسِّكُون }: مبتدأ، وجملة: { إنا لا نضيع أجر المصلحين }: خبر، والرابط: ما في المصلحين من العموم، فوضع موضع الضمير تنبيهًا على أن الإصلاح كالمانع من التضييع، أو حذف العائد، أي: منهم، ويحتمل أن يكون عطفًا على { الذين يتقون } أي: خير للمتقين والذين يتمسكون بالكتاب. يقول الحقّ جلّ جلاله: { وقطَّعناهم } أي: فرقناهم { في الأرض أُممًا }: فرقًا، ففي كل بلد من البلدان فرقة منهم، فليس لهم إقليم يملكونه، تتمةً لإذلالهم، حتى لا تكون لهم شوكة قط، { منهم الصالحون } وهو من تمسك بدين التوراة، ولم يحرف، ولم يفرق، أو من آمن منهم بالنبي صلى الله عليه وسلم في زمانه وبعده، { ومنهم دون ذلك } أي: ومنهم ناس دون ذلك، أي: منحطون عن الصلاح، وهم كفرتهم وفسقتهم، { وبلوناهم } أي: اختبرناهم { بالحسنات والسيئات } أي: بالنعم والنقم، { لعلهم يرجعون } ينتبهون فينزجرون عمًّا هُم عليه. { فخلَفَ من بعدهم خلفٌ } أي: فخلف، من بعد الأولين، خلف، أي: بدل سوء، وهو مصدر نعت به، فالخلف، بالسكون، شائع في الشر، يقال: جعل الله منك خلفًا صالحًا. والمراد بالخلف في الآية: اليهود الذين أدركوا النبي صلى الله عليه وسلم، { وَرِثوا الكتابَ } التوراة، من أسلافهم، يقرؤونها ويقفون على ما فيها، { يأخذون عَرَضَ هذا الأدنى } حطام هذا الشيء الحقير، من الدنو، أو من الدناءة، وهو ما كانوا يأخذون من الرشا في الأحكام، وعلى تحريف الكلام، { ويقولون سيُغفرُ لنا } لا يؤاخذنا الله بذلك ويتجاوز عنه، اغترارًا وحمقًا. { وإن يأتهم عَرَضٌ مثلُه يأخذوه } أي: يرجون المغفرة، والحال أنهم مصرون على الذنب، عائدون إلى مثله، غير تائبين منه، { ألم يُؤخذْ عليهم ميثاقُ الكتاب } أي: في الكتاب، وهو التوراة، { أن لا يقولوا على الله إِلا الحق } ، وهو تكذيب لهم في قولهم: { سيُغفر لنا } ، والمراد: توبيخهم على القطع بالمغفرة مع عدم التوبة، والدلالة على أنه افتراء على الله وخروج عن ميثاق الكتاب، { ودَرَسُوا ما فيه } أي: وقد درسوا ما فيه، وعلموا ما أُخذ عليهم فيه من المواثيق، ثم تجرأوا على الله، { والدارُ الآخرة خير للذين يتقون } مما يأخذ هؤلاء من العرض الفاني.