الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { قُلْ إِنَّمَا ٱلْعِلْمُ عِنْدَ ٱللَّهِ وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } * { فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقِيلَ هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ } * { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ ٱللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ ٱلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } * { قُلْ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَآؤُكُمْ غَوْراً فَمَن يَأْتِيكُمْ بِمَآءٍ مَّعِينٍ }

يقول الحق جلّ جلاله: { ويقولون } مِن فرط عتوهم وعنادهم استهزاءً: { متى هذا الوعدُ } أي: الحشر الموعود { إن كنتم صادقين } فيما تعدونه من مجيء الساعة؟ والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين المشاركين له عليه السلام في الوعد، وتلاوة الآيات المتضمنة له، وجواب الشرط: محذوف، أي: إن صدقتم فيه فبيَّنوا وقته؟ { قل إِنما العلمُ } أي: العلم بوقته { عند الله } تعالى، لا يطلع عليه غيره { وإِنما أنا نذير مبينٌ } أُنذركم وقوع الموعود لا محالة، وأمّا العلم بوقت وقوعه فليس من وظائف الإنذار. { فلما رَأَوه } أي: العذاب الموعود. والفاء فصيحة مُعربة عن تقدير جملة، كأنه قيل: قد أتاهم الموعود فلما رأوه... الخ، نزّل ما سيقع بمنزلة الواقع لتحقق وقوعه، و { زُلفةً }: حال من مفعول " رَأَوه " أي: قريباً منهم، وهو مصدر، أي: ذا زلفة، { سِيئَتْ } أي: تغيرت { وجوهُ الذين كفروا } بأن غشيها الكآبة ورهقها القَترُ والذلة. ووضع الموصول موضع ضميرهم لذمهم بالكفر، وتعليل المساءة به. { وقيل } توبيخاً لهم، وتشديداً لعذابهم: { هذا الذي كنتم به تَدَّعون } تطلبونه في الدنيا وتستعجلونه إنكاراً واستهزاءً، وهو " تفتعلون " من الدعاء، وقيل: من الدعوى، أي: تدعون ألاَّ بعث ولا حشر. ورُوي عن مجاهد: أنَّ الموعود يوم بدر، وهو بعيد. { قل أرأيتم } أي: أخبروني { إِن أهلكنيَ اللهُ } أي: أماتني. والتعبير عنه بالهلاك لِما كانوا يدعون عليه صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين بالهلاك، { ومَن معيَ } مِن المؤمنين { أو رَحِمَنا } بـاخير آجالنا، فنحن في جوار رحمته متربصون إحدى الحسنيين { فمَن يُجير الكافرين من عذاب أليم } أي: لا يُنجيكم منه أحد، متنا أو بَقينا. ووضع " الكافرين " موضع ضميرهم للتسجيل عليهم بالكفر، وتعليل نفي الإنجاء به، أي: لا بد من لحوق العذاب لكفركم، مُتنا أو بقينا، فلا فائدة في دعائكم علينا. { قل هو } أي: الذي أدعوكم إليه { الرحمن } مولى النعم كلها، { آمَنَّا به } وحده لعِلْمنا ألاَّ راحم سواه، { وعليه توكلنا } وحده لعِلْمنا أنَّ ما عداه كائناً ما كان بمعزل عن النفع والضر. { فستعلمون } عن قريب { مَن هو في ضلالٍ مبينٍ } منا ومنكم، { قل أرأيتم } أخبروني { إِن أصبحَ ماؤُكم غوراً } غائراً في الأرض بالكلية، أو: لا تناله الدلاء { فمَن يأتيكم بماءٍ معين } جارٍ أو ظاهر سهل المأخذ، يصل إليه مَن وصله؟. وفي القاموس: ماء معيون ومعين: ظاهر. هـ. وقال مكي: ويجوز أن يكون معين " فعيل " من مَعَن الماء: كثر، ويجوز أن يكون مفعولاً من العَين، وأصله: معيون، ثم أعل، أي: فمَن يأتيكم بماء يُرى بالعين. هـ. مختصراً. وقرئت الآية عند مُلحدٍ، فقال: يأتي بالمعول والفؤوس، فذهبت عيناه تلك الليلة وَعمِيَ، وقيل: إنه محمد بن زكريا المتطبب، أعاذنا الله من سوء الأدب مع كتابه.

السابقالتالي
2