الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُواْ ٱلْعِدَّةَ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ رَبَّكُمْ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لاَ تَدْرِى لَعَلَّ ٱللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً } * { فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُواْ ذَوَىْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً } * { وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ ٱللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً }

{ يٰأيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُواْ ٱلْعِدَّةَ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ رَبَّكُمْ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لاَ تَدْرِى لَعَلَّ ٱللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُواْ ذَوَي عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَٰلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ... }. يقول الحق جلّ جلاله: { يا أيها النبيُّ إِذا طلقتم النساءَ } ، خصَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بالنداء، وعمَّ بالخطاب لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم إمام أمته وقدوتهم، كما يُقال لرئيس القوم: يا فلان افعلوا كذا وكذا إظهاراً لتقدُّمه، واعتباراً لترؤسه، وأنه قدوة قومه، فكان هو وحده في حكم كلّهم، وسادًّا مسدَّ جميعهم. ومعنى " إذا طلقتم ": إذا أردتم تطليقهن، كقوله:إِذَا قُمْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاةِ } [المائدة:6]، تنزيلاً للمقبل على الشيء المشارِف له منزلةَ الشارع فيه، كقوله صلى الله عليه وسلم: " مَن قتل قتيلاً فله سلبه " ، ومنه: كان الماشي إلى الصلاة والمنتظر لها في حكم المُصَلِّي. { فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } أي: مستقبلات لِعِدَّتهن، شارعة فيها، بمجرد الطلاق، من غير أن تكون في حيض أو نِفاس، فإنَّ المرأة إذا طلقت في طُهر تعتد بذلك الطُهر من أقرائها، فتخرج من العدّة برؤية الحيض الثالث، بخلاف إذا طُلقت في غير طُهر، فتنتظر الطُهر منه، فلا تخرج إلاّ برؤية الحيض الرابع. والمراد أن يُطلِّق في طُهر لم يمس فيه، وهذا هو طلاق السُنَّة. قال ابن جزي: واختلف في الطلاق: هل هو مباح أو مكروه، وأمّا إن كان على غير وجه السُنة فهو ممنوع. هـ. وفي قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فطلِّقوهن في قُبل عِدّتهن ". قال ابن جزي: واختلف في النهي عن الطلاق في الحيض، هل هو معلَّل بتطويل العدة، أو تعبُّد، والصحيح: أنه معلَّل بذلك، وينبني على هذا الخلاف فروع، منها: هل يجوز إذا رضيت به المرأةُ أم لا؟ ومنها: هل يجوز طلاقها في الحيض وهي حامل أم لا؟ ومنها: هل يجوز طلاقها قبل الدخول وهي حائض أم لا؟ فالتعليل بتطويل العدة يقتضي جواز هذه الفروع، والتعبُّد يقتضي المنع، ومَن طَلَّق في الحيض لزمه الطلاق، ثم أُمر بالرجعة على وجه الإجبار عند مالك، ودون إجبار عند الشافعي حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء طلَّق وإن شاء أمسك، حسبما ورد في حديث ابن عمر، حيث طلّق امرأته، فأمره صلى الله عليه وسلم برجعتها هـ. { وأَحْصُوا العِدَّةَ } اضبطوها، وأكمِلُوها ثلاثة أقراء كوامل، لِما ينبني عليها من الأحكام، كالرجعة والسكنى والميراث وغير ذلك، { واتقوا اللهَ ربكم } في تطويل العدة عليهن والإضرار بهن.

السابقالتالي
2 3 4 5 6