الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهَـٰذَا كِتَٰبٌ أَنزَلْنَٰهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ ٱلَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ ٱلْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا وَٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱلأَخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ }

يقول الحقّ جلّ جلاله: { وهذا كتاب أنزلناه مبارك } أي: كثير البركة، حسًا ومعنًى، لكثرة فوائده وعموم نفعه، أو: كثير خيره، دائم منفعته، قال القشيري: مبارك: دائم باق، لا ينسخُه كتابٌ، من قولهم: بَرك الطير على الماء. هـ. { مُصدقُ الذي بين يديه } من الكتب المتقدمة. { ولتُنذر } أنت { أُمَّ القرى } أي: مكة، { ومَنْ حولها } من المشرق والمغرب أو لينذر القرآنُ أمَّ القرى ومن حولها أي: أنزلناه للبركة والإنذار، وإنما سميت مكة أمَّ القرى لأنها قبلة أهل القرى وحجهم ومجمعهم، وأعظم القرى شأنًا. وقيل: لأن الأرض دُحِيت من تحتها أو لأنها مكان أول بيت وضُع للناس. { والذين يؤمنون بالآخرة } هم الذين { يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون } لأنَّ من صدق بالآخرة، وخاف عاقبتها، تحرى لنفسه الصواب، وتفكر في صدق النجاة، فآمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وصدّق بما جاء به، وحافظ على مراسم الشريعة، وأهمها: الصلاة لأنها عماد الدين وعلم الإيمان، من حافظ عليها حفظ ما سواها، ومن ضيَّعها ضيعَ ما سواها. الإشارة: مفتاح القلوب هو كتاب الله، وهو عُنوان السير، فمن فُتح له في فهم كتاب الله، عند سماعه والتدبر في معانيه، فهو علامة فتح قلبه، فلا يزال يزداد في حلاوة الكلام، حتى يُشرف على حلاوة شهود المتكلم من غير واسطة وذلك غاية السير، وابتداء الترقي في أنوار التوحيد وأسرار التفريد، التي لا نهاية لها. والله تعالى أعلم. ثم ذكر وعيد من كَذَّب به أو عارضه، فقال: { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً }.