الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } * { وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ } * { وَإِسْمَاعِيلَ وَٱلْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى ٱلْعَالَمِينَ } * { وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَٱجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { ذٰلِكَ هُدَى ٱللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحُكْمَ وَٱلنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَـٰؤُلاۤءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ } * { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ ٱقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ }

قلت: الضمير في { ذريته } لإبراهيم عليه السلام لأن الحديث عليه، أو لنوح عليه السلام لذكر لوط، وليس من ذرية إبراهيم، لكنه ابن أخيه فكأنه ابنه، و { داود }: عطف على { نوح } أي: وهدينا من ذريته داود، و { من آبائهم }: في موضع نصب، عطف على { نوح } أي وهدينا بعض آبائهم، والهاء في { اقتده }: للسكت، فتحذف في الوصل، ومن أثَبتها راعَى فيها خط المصحف، وكأنه وصلَ بنية الوقف. يقول الحقّ جلّ جلاله: { ووهبنا } لإبراهيم { إسحاق } ابنه، { ويعقوب } حفيده، { كُلاًّ } منهما { هدينا } { ونوحًا } قد هديناه { من قبل } إبراهيم، وعدَّه نعمة على إبراهيم من حيث إنه أبوه، وشَرفُ الوالد يتعدَّى إلى الولَد، { ومن ذريته } أي: إبراهيم، { داود } بن أيشا، { وسليمان وأيوب } بن قوص بن رَازَح بن عيصُو بن إسحاق { ويوسف } بن يعقوب بن إسحاق، { وموسى وهارون } ابنا عمران بن يصهر بن فاهث بن لاوي بن يعقوب. { وكذلك نجزي المحسنين } أي: نجزي المحسنين جزاء مثل ما جازينا إبراهيم برفع درجاته وكثرة أولاده، وجعل النبوة فيهم. { وزكريا } بن آذنِ بن بَركيَا، من ذرية سليمان، { ويحيى } بن زكريا، { وعيسى } ابن مريم بنت عمران، وفيه دليل على أن الذرية تتناول أولاد البنت، { وإلياس } بن نُسى فنحاص بن إلعَازر بن هارون. وقيل: هو إدريس جَد نوح، وفيه بُعد. { كلٌّ من الصالحين } الكاملين في الصلاح، وهو الإتيان بما ينبغي والتحرز مما لا ينبغي. { وإسماعيل } بن إبراهيم، قد هدينا أيضًا، وهو أكبر ولد إبراهيم، وهو ابن هاجر، { واليسع } بن أخطوب بن العجوز، وقرىء: " والليسع " بالتعريف، كَأن أصله: ليسع، و " أل " فيه: زائدة، لا تفيد التعريف لأنه علَم، { ويونس } بن متى، اسم أبيه، وهو من ذرية إبراهيم، خلافًا للبيضاوي. قال القرطبي: لم يبعث الله نبيًا من بعد إبراهيم إلا من صُلبه. هـ. ويونس مثلث النون كيوسف، يعني بتثليث السين. { ولوطًا } هو ابن هاران أخى إبراهيم، فهو ابن أخيه، وقيل: ابن أخته، فقد يُطلق على العم أب مجازًا، { وكُلاًّ فضلنا على العالمين } أي: عالَمِي زمانِهم بالنبوة والرسالة، فكل واحد فِضِّل على أهل زمانه. { ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم } أي: فضَّلنا هؤلاء وبعض آبائهم وذرياتهم، أو هدينا هؤلاء وبعض آبائهم وذرياتهم وإخوانهم، { واجتبيناهم } أي: اخترناهم للرسالة واصطفيناهم للحضرة، { وهديناهم إلى صراط مستقيم } الذي يُوصل إلى حضرة قدسنا. { ذلك هُدَى الله } أي: ذلك الدين الذي دانوا به هو هدى الله { يهدي به } أي: بسببه، { من يشاء من عباده ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون } ، تحذيرًا من الشرك، وإن كانوا معصومين منه. { أولئك الذين آتيناهم الكتاب } أي: جنس الكتب، { والحُكم } أي: الحكمة، أو الفصل بين العباد، على ما يقتضيه الحق، { والنبوة } الرسالة { فإن يكفر بها هؤلاء }: أهل مكة، { فقد وكَّلنا بها } أي: بالإيمان بها والقيام بحقوقها، { قومًا ليسوا بها بكافرين } وهُم الأنبياء المذكورون، وتابعوهم، وقيل: الصحابة المهاجرون والأنصار، وهو الأظهر.

السابقالتالي
2