الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي ٱلظُّلُمَاتِ مَن يَشَإِ ٱللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }

يقول الحقّ جلّ جلاله: { والذين كذبوا بآياتنا } الدالة على كمال قدرتنا وتحقيق وحدانيتنا، أو بآياتنا المنزلة على رسولنا، هم { صمٌّ } لا يسمعون مثل هذه الآيات ـ الدالة على ربوبيته وكمال علمه وعظيم قدرته ـ سماعًا تتأثر به نفوسهم، { و } هم أيضًا { بُكم } لا ينطقون بالحق، وهم { في الظلمات } أي: خائضون في بحر ظلمات الكفر والجهل، وظلمة العناد، وظلمة التقليد، فوصفهم بالصمم والبَكَم والعَمى، ويؤخذ العمى من قوله: { في الظلمات } ، وهذا كله داخل تحت مشيئته وعلمه السابق { من يشأ الله يُضلله } عدلاً، { ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم } بأن يرشده إلى الهدى ويحمله عليه، فيتبع الطريق الذي لا عوج فيه. الإشارة: أولياء الله في أرضه آية من آيات الله، فمن كذب بهم بقي في ظلمة الجهل بالله وظلمة حجاب النفس وحجاب الأكوان، محجوبًا بمحيطاته، محصورًا في هيكل ذاته، قلبه أصم عن تَذَكُّرِ الحقائق، ولسانه أبكم عن النطق بحكم العلم والأسرار، لم تسبق له في مشيئة الحق عناية، ولا هَبَّ عليه شيءٌ من رياح الهداية، عائذًا بالله من سوء القضاء ودرك الشقاء. ثم أقام لهم البرهان على توحيده، فقال: { قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ ٱللَّهِ }.