الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { مُدْهَآمَّتَانِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي ٱلْخِيَامِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { تَبَارَكَ ٱسْمُ رَبِّكَ ذِي ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ }

يقول الحق جلّ جلاله: { ومِن دونهما جنتانِ } أي: ومن دون تَيْنِك الجنتين الموعودتين للمقربين { جنتان } أخريان لِمن دونهم من أصحاب اليمين، ويؤيده حديث أبي موسى، قال في هذه الآية. { ولمن خاف مقام ربه } قال: " جنتان من ذهب للسابقين، وجنتان من وَرِق لأصحاب اليمين " ورَفَعه، ولا شك أنَّ الذهب أرفع من الوَرِق، فلا يلتفت إلى الفضة مَن له الذهب، خلافاً لمن قال: يلزم حرمان أهل الطبقة الأولى - وهم السابقون - ما ذكر في الحديث من الفضة، واختار في نوادر الأصول أنَّ قوله: { ومن دونهما } أي: في القُرب إلى العرش، وأنَّ هذه أعلى وَصْفاً مما ذكر قبلُ، إلى العرش، وبَسَطَ القول في ذلك، ومثله ذكره ابن عطية عن ابن عباس، واحتج لذلك، ولكن الأكثرعلى خلاف ذلك، وسيأتي بيانه إن شاء الله. { فبأي آلاء ربكما تُكّذِبان مُدْهامَّتان } خضراوان تميلان إلى السواد، من شدة الخضرة، وفيه إشعار بأنَّ الغالب على هاتين الجنتين النبات والرياحين المنبسطة على وجه الأرض، وعلى الأُوليين الأشجار والفواكه، ومَن اشتهى فيها شيئاً يُعطاه، { فبأي آلاء ربكما تُكَذِّبان } كرر التوبيخ مع ذكر الموصوف ومع صفته تنبيهاً على أنّ تكذيب كل من الموصوف والصفة حقيق بالإنكار، { فيهما عينان نَضَّاختان } فوّارتان بالماء، والنضخ أكثر من النضح - بالمهملة - وهو الرش، { فبأي آلاء ربكما تُكذِّبان }. { فيهما فاكهةُ ونخلٌ ورمانٌ } عطف الأخيرين على الفاكهة عطف خاص على عام لفضلهما، فإنَّ ثمر النخل فاكهة وغذاء، والرمان فاكهة ودواء. قال أبو حنيفة: مَن حَلَفَ لا يأكل فاكهة فأكل رُماناً أو رطباً لم يحنث، وقوفاً مع ظاهر العطف، وعندنا الأَيمان مبنية على الأعراف، وهي تختلف باختلاف الأقطار. { فبأي آلاء ربكما تُكَذِّبان } ولا شيء منها يقبل الإنكار. { فيهنَّ خَيْراتٌ حِسَانٌ } أي: في الجنتين المشتملتين على قصور ومساكن نساء { خيرات } أي: فاضلات الخُلُق، حِسان الخَلْق، وهو مخفف من " خير " بالتشديد، وقرئ خيِّرات على الأصل، { فبأي آلاء ربكما تُكَذِّبان }. { حُورٌ } بدل من " خيرات " { مَقصوراتٌ في الخيام } قُصِرن في خدورهن. يقال: امرأة قصيرة وقَصُورة، ومقصورة، أي مخدّرة، أو: مقصورات الطرف على أزواجهن ساكنة في الخيام. قال القشيري: قصرن أنفسَهن وقلوبَهن وأبصارَهن على أزواجهن. هـ. يقلن: نحن الناعماتُ فلا نبأس، الخالداتُ فلا نَبيدُ، الراضيات فلا نَسْخَط. وفي خبر: أن عائشة قالت: " إنَّ المؤمنات أجَبْنَهُنَّ، نحن المُصلِّياتُ وما صلَّيْتُنَّ، نحن الصائمات وما صُمتُنَّ، نحن المتصدِّقاتُ وما تصدَّقْتنَّ، قالت عائشة: فغلبنهن ". والخيام من الدر المجوف، { فبأي آلاء ربكنما تُكَذِّبان }. { لم يَطْمِثْهُن إِنسٌ قبلهم ولا جانٌّ فبأي آلاء ربكما تُكَذِّبان }. { متكئين } نصب على الاختصاص، { على رَفْرَفٍ } هو كل ثوب عريض، وقيل: هو الوسائد، والأظهر من الحديث أنه سرير مفروش بثياب خُضر، يركب فيه أهل الجنة، ويسير بهم حيث شاؤوا، وقوله: { خُضْرٍ } ، وصف لرفرف لأنه مُحلّى بثيابٍ خُضر، والرفرف: إما اسم جنس، أو اسم جمع، واحده: رفرفة.

السابقالتالي
2 3