الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ } * { وَإِن يَرَوْاْ آيَةً يُعْرِضُواْ وَيَقُولُواْ سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ } * { وَكَذَّبُواْ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ } * { وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّنَ ٱلأَنبَآءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ } * { حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ ٱلنُّذُرُ } * { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ ٱلدَّاعِ إِلَىٰ شَيْءٍ نُّكُرٍ } * { خُشَّعاً أَبْصَٰرُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ } * { مُّهْطِعِينَ إِلَى ٱلدَّاعِ يَقُولُ ٱلْكَافِرُونَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَسِرٌ }

يقول الحق جل جلاله: { اقتربت الساعةُ } قربت القيامة، قال القشيري: ومعنى قربها: أنّ ما بقي من الزمان إلى القيامة قليلٌ بالإضافة إلى ما مضى. هـ. قال ابن عطية: وأمرها مجهول التحديد، وكل ما يُروى من التحديد في عمر الدنيا فضعيف. هـ. { وانشقَّ القمرُ } نصفين، وقرئ: و " قد انشقَّ القمر " ، أي: اقتربت الساعة وقد حصل من آيات اقترابها أنَّ القمر قد انشقًَّ، كما تقول: أقبل الأميرُ، وقد جاء البشير بقدومه. قال ابن مسعود رضي الله عنه: انشق القمر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فرقتين، فكانت أحداهما فوق الجبل، والأخرى أسفل من الجبل، فقال صلى الله عليه وسلم: " اشهدوا " قال ابن عباس: إنَّ المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إن كنت صادقاً فشُق لنا القمر فلقتين، فقال: " إن فعلتُ أتؤمنون؟ " فقالوا: نعم، وكانت ليلة بدر، فسأل صلى الله عليه وسلم ربه فانشق فرقتين، نصف على أبي قُبيس، ونصف على قُعَيْقِعان، وقيل: سألوا آية مجملة، فأراهم انشقاق القمر. قال ابن عطية: وعليه الجمهور، يعني عدم التعيين. وفي صحيح مسلم: أنه انشق مرتين وصرح في شرح مرتين وصرح في شرح المواقف بأن انشقاقه متواتر. هـ. وقيل: معناه: انشق، أي: ينشق يوم القيامة، وهو ضعيف، ولا يُقال: لو انشقَّ لما خفي على أهل الأقطار، ولو ظهر عندهم لنقل متواتراً لأن الطباع جبلت على نشر العجائب، لأنه يجوز أن يحجبه اللّهُ عنهم بغيم أو غيره، مع أنه كان ليلاً، وجُلّ الناس نائمون، وأيضاً: عادة الله تعالى في معجزاته أنه لا يراها إلاَّ مَن ظهرت لأجله في الغالب. تنبيه: قال القسطلاني في المواهب اللدنية: ما يذكره بعض القصَّاص أن القمر دخل في جيب النبي صلى الله عليه وسلم وخرج من كمه، ليس له أصل، كما حكاه الزركشي عن شيخه العِماد ابن كثير. هـ. { وإِن يَرَوا } أي: أهل مكة { آيةً } تدل على صدق رسوله صلى الله عليه وسلم { يُعرضوا } عن الإيمان { ويقولوا سِحْرٌ مستمر } محكم شديدٌ قويّ، من: المِرّة، وهي القوة، أو: دائم مطّرد. رُوي: أنه لما انشق قالوا: هذا سحر ابن أبي كبشة؟ فسلوا السُّفار، فلما قَدِموا سألوهم، فقالوا: إنهم قد رأيته، فقالوا: قد استمر سحره في البلاد، فنزلت. قال البيضاوي: دلّ قوله: { مستمر } على أنهم رأوا قبله آيات أخرى مترادفة، ومعجزات سابقة. هـ. أو: مستمر، ذاهب ومارٌّ، يزول ولا يبقى، من: مرّ الشيء واستمر: ذهب. { وكذّبوا واتَّبعوا أهواءَهم } الباطلة، وما زيَّن لهم الشيطان من دفع الحق بعد ظهوره، حتى قالوا: سحرَ القمر، أو: سَحَرَ أعيننا، { وكلُّ أمرٍ } وعدهم الله به { مستقِرٌ } كائن في وقته، أو: كل أمر قُدِّرَ واقع لا محالة يستقر في وقته، أو: كل أمر من الخير والشر يقع بأهله من الثواب والعقاب، وقُرئ " مستقرٍ " بالجر، فيعطف على " الساعة " ، أي: اقتربت الساعة وكل أمرٍ مستقر، يعني: أشراطها.

السابقالتالي
2 3