الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلْمُنتَهَىٰ } * { وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ } * { وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا } * { وَأَنَّهُ خَلَقَ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ } * { مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَىٰ } * { وَأَنَّ عَلَيْهِ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُخْرَىٰ } * { وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَىٰ وَأَقْنَىٰ } * { وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ ٱلشِّعْرَىٰ } * { وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً ٱلأُولَىٰ } * { وَثَمُودَ فَمَآ أَبْقَىٰ } * { وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُواْ هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَىٰ } * { وَٱلْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَىٰ } * { فَغَشَّاهَا مَا غَشَّىٰ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكَ تَتَمَارَىٰ } * { هَـٰذَا نَذِيرٌ مِّنَ ٱلنُّذُرِ ٱلأُوْلَىٰ } * { أَزِفَتِ ٱلآزِفَةُ } * { لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ كَاشِفَةٌ } * { أَفَمِنْ هَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ } * { وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ } * { وَأَنتُمْ سَامِدُونَ } * { فَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ وَٱعْبُدُواْ }

يقول الحق جلّ جلاله في بقية ذكر ما في الصُحف الأُولى: { وأنَّ إِلى ربك المنتهى } أي: الانتهاء، أي: ينتهي إليه الخلق ويرجعون، إليه كقوله:وَإِلَىَّ الْمَصِيرُ } [الحج: 48] أو: ينتهي علم العلماء إليه ثم يقفون، لقوله صلى الله عليه وسلم: " لا فكرة في الرب " أي: كُنه الذات، وسيأتي في الإشارة: { وأنه هو أضحكَ وأبكى } أي: خلق الضحك والبكاء، أو: خلق الفرح والحزن، أو: أضحك المؤمنين في الأخرة، وأبكى الكافرين، أو: أضحك المؤمنين في العُقبى بالمواهب وأبكاهم في الدنيا بالنوائب، { وأنه هو أمات وأحيا } أي: أمات الآباء وأحياء الأبناء، أو: أمات بالكفر وأحيا بالإيمان. { وأنه خلق الزوجين الذكرَ والأنثى من نُطفةٍ إذا تُمنَى }: إذ تدفق وتُدفع في الرحم. يقال: منى وأمنى، { وأنَّ عليه النشأةَ الأخرى } الإحياء بعد الموت، { وأنه هو أغنَى } أي: صيّر الفقير غنيّاً { وأَقْنَى } أي: أَعطى القِنْيَة، وهو المال الذي تأثّلته، وعزمت ألاَّ تُخرجه من يدك. { وأنه هو رَبُّ الشِّعْرى } وهو كوكب يطلع بعد الجوزاء في شدة الحر، وكانت خزاعة تعبدها. سنّ لهم ذلك " ابن أبي كبشة " رجل من أشرافهم، قال: لأن النجوم تقطع السماء عرضاً، والشعرى طولاً، ويقال لها: شعرى العبور. انظر الثعلبي. وكانت قريش تقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ابن أبي كبشة، تشبيهاً له صلى الله عليه وسلم به، لمخالفته إياهم في دينهم، فأخبر تعالى أنه ربّ معبودهم، فهو أحق بالعبادة وحده. { وأنه أهلك عاداً الأُولى } وهم قوم هود، وعاد الأخرى: عاد إرم، وقيل: معنى الأولى العدمي لأنهم أولى الأمم هلاكاً بعد قوم نوح، وقال الطبري وغيره: سميت " أُولى " لأن ثُمَّ عاداً آخرة، وهي قبلية كانت بمكة مع العماليق، وهم بنو لُقَيم بن هَزّال. والله أعلم. هـ. { قلت }: والتحقيق: أن عاداً الأولى هي عاد إرم، وهي قبيلة هود التي هلكت بالريح، ثم بقيت منهم بقايا، فكثروا وعمّروا بعدهم، فقيل لهم عاد الأخيرة، وانظر أبا السعود في سورة الفجر. وها هنا قراءات، وجَّهناها في كتاب الدرر. { وثَموداً } أي: وأهلك ثموداً، وهم قوم صالح، { فما أبقَى } أحداً منهم، { وقمَ نوحٍ من قبلُ } وأهلك قوم نوح من قبل عاد وثمود، { إِنهم كانوا أظلمَ وأطغى } مِن عاد وثمود لأنهم كانوا يضربونه حتى لا يكون به حِراك، وينفرون منه حتى كانوا يُحذّرون صبيانهم أن يسمعوا منه، { والمؤتفكةَ } أي: والقرى التي ائتفكت، أي: انقلبت بأهلها، وهم قوم لوط. يقال: أَفَكه فائتفك، أي: قَلَبَه فانقلب، { والمؤتفكة } منصوب بـ { أَهْوَى } أي: رفعها إلى السماء على جناح جبريل، ثم أهواها إلى الأرض، أي: أسقطها، { فَغَشَّاها } ألبسها من فنون العذاب { ما غَشَّى } وفيه تهويل لما صبَّ عليها من العذاب، وأمطر عليها من الصخر المنضود.

السابقالتالي
2 3