الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةُ وَٱلْدَّمُ وَلَحْمُ ٱلْخِنْزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ ٱللَّهِ بِهِ وَٱلْمُنْخَنِقَةُ وَٱلْمَوْقُوذَةُ وَٱلْمُتَرَدِّيَةُ وَٱلنَّطِيحَةُ وَمَآ أَكَلَ ٱلسَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى ٱلنُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُواْ بِٱلأَزْلاَمِ ذٰلِكُمْ فِسْقٌ ٱلْيَوْمَ يَئِسَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَٱخْشَوْنِ ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإِسْلٰمَ دِيناً فَمَنِ ٱضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

{ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةُ وَٱلْدَّمُ وَلَحْمُ ٱلْخِنْزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ ٱللَّهِ بِهِ وَٱلْمُنْخَنِقَةُ وَٱلْمَوْقُوذَةُ وَٱلْمُتَرَدِّيَةُ وَٱلنَّطِيحَةُ وَمَآ أَكَلَ ٱلسَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى ٱلنُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُواْ بِٱلأَزْلاَمِ ذٰلِكُمْ فِسْقٌ... } يقول الحقّ جلّ جلاله: { حُرِّمَت عليكم الميتة } أي: ما ماتت حَتْفَ أنفها بلا ذكاة، { والدم } المسفوح، أي: المهروق، وكانت الجاهلية يصبّونه في الأمعاء، ويشوونها، ورُخِّصَ في الباقي في العروق بعد التذكية، { ولحم الخنزير } ، وكذا شحمه وسائر أجزائه المتصلة، بخلاف الشعر المجزوّ، { وما أُهَلَّ لغير الله به } أي: رفع الصوت عليه عند ذبحه بغير الله، كقولهم: باسم اللاّت والعزّى، وكذا ما تُرِكَ عليه اسم الله عَمْدًا، عند مالك { والمنخنقة } بحبل وشبهه حتى ماتت، { والموقوذة } أي: المضروبة بعصا أو بحجر أو شبهه، من: وقذته وقذًا: ضربته، { والمتردية } أي: الساقطة من جبل أو في بئر وشبهه فماتت، { والنطيحة } التي نطحتها أخرى فماتت، فإن لم تمت فإن كان في المصران الأعلى فكذلك، لا في الأسفل أو الكرش. { وما أكل السّبع } أي: أكل بعضه وأنفذ مقتله، والسبّع: كل حيوان مفترس كالذئب والأسد والنّمر والثعلب والنّمس والعُقاب والنّسر { إلاّ ما ذكّيتم } أي: إلا ما أدركتم ذكاته وفيه حياة مستقرة من ذلك. قاله البيضاوي. وقال ابن جُزَيّ: قيل: إنه استثناء منقطع، وذلك إذا أُريد بالمنخنقة وأخواتها: ما مات من ذلك بالخنق وما بعده، أي: حُرِّمَت عليكم هذه الأشياء، لكن ما ذكَّيتم من غيرها فهو حلال، وهذا ضعيف، وقيل: إنه استثناء متصل، وذلك إن أُريد بالمنخنقة وأخواتها ما أصابته تلك الأسباب وأدركت حياته. والمعنى: إلا ما أدركتم حياته من هذه الأشياء، فهو حلال، واختلف أهل هذا القول هل يُشتَرَط أن يكون لم تنفذ مقاتله، أم لا؟ فالأئمة كلهم على عدم الاشتراط إلا مالكًا ـ رحمه الله ـ، وأما مَن لم تُشرِف على الموت من هذه الأسباب، فذكاتها جائزة باتفاق. هـ. { و } حُرِّمَ عليكم أيضًا: { ما ذُبِحَ على النُّصُب } ، وهي أحجار كانت منصوبة حول البيت، يذبحون عليها ويعدُّون ذلك قُرْبَة، وليست بالأصنام لأن الأصنام مُصَوّرة، والنُّصُب غير مُصَوَّرة، وقيل: { على } بمعنى اللام، أي: وما ذُبِحَ للنُّصُب، والمراد كلّ ما ذُبحَ لغير الله. { وأن تستقسموا بالأزلام } أي: تطلبوا ما قسم لكم في الأزل من المقادير بالأزلام، جمع زلم ـ بضم الزاي وفتحها ـ وهي الأقداح على قدر السهام. وكانت في الجاهلية ثلاثة، قد كُتب على أحدها: افعل، على الآخر: لا تفعل، وعلى الثالث: مهمل، فإذا أراد الإنسان أن يعمل أمرًا جعلها في خريطة، وأدخل يده وأخرج أحدها، فإن خرج له الذي فيه " افعل " فعل ما أراد، وإن خرج الذي فيه " لا تفعل " ، تركه.

السابقالتالي
2 3