الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ ٱلْعَدَاوَةَ وَٱلْبَغْضَآءَ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ ٱللَّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ }

يقول الحقّ جلّ جلاله: وأخذنا أيضًا عهدًا وميثاقًا من النصارى، الذين سموا أنفسهم نصارى ادعاء لنصرة عيسى عليه السلام ولم يقوموا بواجب ذلك عملاً واعتقادًا، أخذناه عليهم بالتزام أحكام الإنجيل، وأن يؤمنوا بالله وحده لا شريك له، ولا صاحبة ولا ولد، وأن يؤمنوا بمحمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ إن أدركوه ويتبعوه، { فنسوا حظًا مما ذُكروا به } أي: نسوا ما ذكرناهم به، وتركوا حظًا واجبًا مما كلفوا به، { فأغرينا } أي: سلطنا { بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة } ، فهم يقتتلون في البر والبحر، ويتحاربون إلى يوم القيامة، فكل فرقة تلعن أختها وتكفرها، أو بينهم وبين اليهود، فالعداوة بينهم دائمة، { وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون } بالجزاء والعقاب. الإشارة: يؤخذ من الآية أن من نقض العهد مع الله بمخالفة ما أمره به أو نهاه عنه. أو مع أولياء الله، بالانتقاد عليهم وعدم موالاتهم، ألقى الله في قلب عباده العداوة والبغضاء له، فيبغضه الله، ويبغضه عبادُ الله، ومن أوفى بما أخذه الله عليه من العهد بوفاء ما كلفه به، واجتناب ما نهاه عنه، وتودد إلى أوليائه، ألقى الله في قلب عباده المحبة والوداد، فيحبه الله، ويحبه عباد الله، ويتعطف عليه أولياء الله، كما في الحديث: " إذا أحبَّ الله عبدًا نادى جبريل، إنَّ اللهَ يحبّ فلانًا فأحِبَّه، فيُحِبَّهُ جبرِيلُ. ثم يُنَادِي في الملائكة: إن اللهَ يُحِبُّ فُلاَنًا فأحِبُّوه. فيُحِبُّه أهلُ السَّمَاءِ، ثم يُلقَى له القَبولُ في الأرض " .. الحديث. ثم دعا أهل الكتابين إلى الإيمان برسوله صلى الله عليه وسلم، فقال: { يَا أَهْلَ ٱلْكِتَابِ قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا }.