الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ لَيَقُولُونَ } * { إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا ٱلأُوْلَىٰ وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ } * { فَأْتُواْ بِآبَآئِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ } * { وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَـٰعِبِينَ } * { مَا خَلَقْنَاهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }

يقول الحق جلّ جلاله: { إِنَّ هؤلاء } يعني كفار قريش لأن الكلام معهم، وقصة فرعون مسوقة للدلالة على مماثلتهم في الإصرار على الضلالة، والتحذير من حلول مثل حلّ بهم، { لَيقولون إِن هي إِلا موتَتنا الأُولى } أي: ما العاقبة ونهاية الأمر إلا الموتة الأولى، المزيلة للحياة الدنيوية، ولا قصد فيه لإثبات موته أخرى، كقولك: حجّ زيد الحجة الأولى ومات، أو: ما الموتة التي تعقبها حياة إلا الموتة الأولى، التي تقدّمت وجودنا، كقوله:وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأحْيَاكُمْ } [البقرة: 28] كأنهم لما قيل لهم: إنكم تموتون موتة تعقبها حياة، كما تقدمتكم كذلك، أنكروها، وقالوا: ما هي إلا موتتنا الأولى، وأما الثانية فلا حياة تعقبها، أوْ: ليست الموتة إلا هذه الموتة، دون الموتة التي تعقب حياة القبر كما تزعمون، { وما نحن بمُنشَرِين } بمبعوثين، { فأتوا بآبائنا } خطاب لمَن كان بعدهم النشر، من الرسول والمؤمنين، { إِن كنتم صادقين } أي: إن صدقتم فيما تقولون، فعجِّلوا لنا إحياء مَن مات من آبائنا بسؤالكم ربكم، حتى يكون دليلاً على أن ما تعدونه من البعث حق. قيل: كانوا يطلبون أن ينشر لهم قُصيّ بن كلاب، ليُشاوروه، كان كبيرهم ومفزعهم في المهمات، قال تعالى: { أَهُم خيرٌ أم قومُ تُبَّع } ردّ لقولهم وتهديد لهم، أي: أهم خير في القوة والمنعة، اللتين يدفع بهما أساب الهلاك، أم قوم تُبع الحميري؟ وكان سار بالجيوش حتى حيّر الحيرة، وبنى سمرقند، وقيل: هدمها، وكان مؤمناً وقومه كافرين، ولذلك ذمّهم الله تعالى دونه، وكان يكتب في عنوان كتابه: بسم الله الذي ملك برّاً وبحراً ومضحاً وريحاً. قال القشيري: كان تُبَّع ملك اليمن، وكان قومه فيهم كثرة، وكان مسلماً، فأهلك اللّهُ قومَه على كثرة عددهم وكمال قوتهم. هـ. روي عنه عليه السلام أنه قال: لا تسبُّوا تُبعاً فإنه كان مؤمناً " هـ وقيل: كان نبيّاً، وفي حديث أبي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم قال: " لا أدري تُبعاً كان نبيّاً أو غير نبي ". وذكر السهيلي: أن الحديث يُؤذن بأنه واحد بعينه، وهو - والله أعلم - أسعد أبو كرب، الذي كسا الكعبة بعدما أراد غزوه، وبعدما غزا المدينة، وأراد خرابها، ثم انصرف عنها، لما أخبر أنها مهاجَر نبي اسمه " أحمد " وقال فيه شعراً، وأودعه عند أهلها، فكانوا يتوارثونه كابراً عن كابر، إلى أن هاجر النبي صلى الله عليه وسلم فأدُّوه إليه. ويقال: كان الكتاب والشعر عند أبي أيوب الأنصاري: حتى نزل عليه النبي صلى الله عليه وسلم فدفعه إليه، وفي الكتاب الشعر، وهو:
شَهِدتُ عَلَى أَحمَدٍ أَنه رَسولٌ مِنَ الله بارِي النَّسمْ فَلَو مُدَّ عُمْرِي إلَى عُمْرهِ لكنتُ وزيراً له وابن عَمْ وأَلْزَمتُ طَاعَتَه كلَّ مَن عَلَى الأَرْضِ، مِنْ عُرْبٍ وعَجمْ ولَكِن قَوْلي له دَائماً سَلاَمٌ عَلَى أَحْمَدٍ في الأمَمْ   

السابقالتالي
2