الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِن نَّبِيٍّ فِي ٱلأَوَّلِينَ } * { وَمَا يَأْتِيهِم مِّنْ نَّبِيٍّ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } * { فَأَهْلَكْنَآ أَشَدَّ مِنْهُم بَطْشاً وَمَضَىٰ مَثَلُ ٱلأَوَّلِينَ }

يقول الحق جلّ جلاله: { وكم أرسلنا } أي: كثيراً أرسلنا قبلك { من نبيٍّ في الأولين } في الأمم الماضية، فكذَّبوهم واستهزؤوا بهم. { وما يأتيهم من نبيٍّ إلا كانوا به يستهزئون } ، فاصبر كما صبروا. ويحتمل أن يكون تقريراً لِمَا قبله لبيان أن إسراف الأمم السابقة لم يمنعه تعالى من إرسال الرسل إليهم، وكونها تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم أظهر. { فأهلكنا أشدَّ منهم بَطْشاً } أي: فأهلكنا مِن الأمم السالفة مَن كان أكثر منهم طغياناً وإسرافاً، { ومضى مَثَلُ الأولين } أي: سلف في القرآن غير مرة ذكر قصة الأولين، وهي عِدةٌ له صلى الله عليه وسلم، ووعيد لقومه، بطريق الأولوية. فمثل ما جرى على الأولين يجري على هؤلاء لاشتراكهم في الوصف. وظاهر الآية: أن النبي والرسول واحد، والمشهور: أن النبي أعم، فكل رسول نبي، ولا عكس، فالنبي مقصور في الحُكم على نفسه، والرسول نبيّ مكلّف بالتبليغ. الإشارة: ما سُليت به الأنبياء والسل يُسلَى به الأولياء لأنهم خلفاؤهم، فكل مَن أُوذي واستُهزئ به يتذكر ما جرى على مَن كان أفضل منه من الأنبياء وأكابر الأولياء، فيخف عليه الأذى. وبالله التوفيق. ثم ذكر إقرارهم بوجود الصانع، فقال: { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ }.