الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُواْ لَهُمْ مِّنَ ٱلدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ ٱللَّهُ وَلَوْلاَ كَلِمَةُ ٱلْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ ٱلظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { تَرَى ٱلظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُواْ وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ ٱلْجَنَّاتِ لَهُمْ مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْكَبِيرُ } * { ذَلِكَ ٱلَّذِي يُبَشِّرُ ٱللَّهُ عِبَادَهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِي ٱلْقُرْبَىٰ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ }

{ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُواْ لَهُمْ مِّنَ ٱلدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ ٱللَّهُ وَلَوْلاَ كَلِمَةُ ٱلْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ ٱلظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ تَرَى ٱلظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُواْ وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ ٱلْجَنَّاتِ لَهُمْ مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْكَبِيرُ ذَلِكَ ٱلَّذِي يُبَشِّرُ ٱللَّهُ عِبَادَهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ... } يقول الحق جلّ جلاله: { أم لهم شركاءُ شرعوا لهم من الدين } ، " أم ": منقطعة، أي: بل ألهم شركاء، أو: معادلة لمحذوف، تقديره: أقبلوا ما شرعت لهم من الدين، أم لهم آلهة شرعوا من الدين { ما لم يأذن به اللهُ } أي: لم يأمر به، { ولولا كلمةُ الفصل } أي: القضاء السابق بتأخير الجزاء، أي: ولولا العِدة بأن الفصل يكون يوم القيامة { لقُضِيَ بينهم } بين الكفار والمؤمنين. أو: لعجلت لهم العقوبة. { وإِنَّ الظالمين لهم عذابٌ أليمٌ } وإن المشركين لهم عذاب أليم في الآخرة، وإن أخّر عنهم في دار الدنيا. { ترى الظالمينَ } المشركين في الآخرة { مُشفقينَ } خائفين { مما كسبوا } من جزاء كفرهم، { وهو واقع } نازل { بهم } لا محالة، أشفقوا أم لم يُشفقوا. { والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجناتِ } كأنّ روضة جنة المؤمن أطيب بقعة فيها وأنزهها، فالروضات: المواضع المونقة النضرة، فهم مستقرون في أطيب بقعها وأنزهها. { لهم ما يشاؤون عند ربهم } أي: ما يشتهون من فنون المستلذات حاصل لهم عند ربهم، { ذلك هو الفضلُ الكبير } الذي لا يُقادر قدره، ولا يبلغ غايته على العمل القليل، فضلاً من الكبير الجليل. { ذلك الذي يُبَشِّرُ اللهُ } تعالى، { عبادَه } فحذف عائد الموصول. ويقال: بشَّر وبشر، بالتشديد والتخفيف، وقرىء بهما. ثم وصف المبشرين بقوله: { الذين آمنوا وعملوا الصالحات } دون غيرهم. الإشارة: كل مَن ابتدع عملاً خارجاً عن الكتاب والسنّة فقد شرع من الدين، ما لم يأذن به الله، فينسحب عليه الوعيد، لقوله صلى الله عليه وسلم: " مَن سنَّ سنّة سيئة فعليه وزرها ووزر مَن عمل بها إلى يوم القيامة ". وقوله تعالى: { والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضاتِ الجنات } قال القشيري: في الدنيا جنة الوصلة، ولذاذة الطاعة والعبادة، وطيب الأُنْسِ في أوقات الخلوة، وفي الآخرة في روضات الجنات، إن أرادوا دوامَ اللطفِ دامَ لهم، وإن أرادوا تمامَ الكشف كان لهم. هـ. ولمَّا كان من شأن المبشر بالخير أن يلتمس الأجر، نزّه نبيه عن ذلك، فقال: {... قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِي ٱلْقُرْبَىٰ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ }. يقول الحق جلّ جلاله: { قل } يا محمد { لا أسألكم عليه } على التبليغ { أجراً }. رُوي أنه اجتمع المشركون في مجمع لهم، فقال بعضهم لبعض: أترون أن محمداً يسأل على ما يتعاطاه أجراً؟ فنزلت.

السابقالتالي
2 3