الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ فَٱخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ } * { مَّنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّـٰمٍ لِّلْعَبِيدِ }

يقول الحق جلّ جلاله: { ولقد آتينا موسى الكتابَ } التوراة { فاختُلف فيه } فقال بعضهم: حق، وقال بعضهم: كتبه بيده في الجبل، كما اختلف قومك في كتابك القرآن، فمِن مؤمن به وكافر، { ولولا كلمةٌ سبقتْ من ربك } في حق أمتك بتأخير العذاب، { لقُضِيَ بينهم } لأهلكهم إهلاك استئصال. وقيل: الكلمة السابقة هو العدة بالقيامة لقوله:بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ } [القمر: 46]، وأن الخصومات تُفصل في ذلك اليوم، ولولا ذلك لقُضي بينهم في الدنيا. { وإِنهم } أي: كفار قومك { لفي شكٍّ منه } من أجل القرآن { مُرِيبٍ } موقع للريبة، وقيل: الضمير في بينهم وإنهم لليهود، وفي منه لموسى، أو: لكتابه، وهو ضعيف. { مَن عَمِلَ صالحاً } بأن آمن بالكُتب وعمل بوحيها، { فلنفسه } نفع، لا غيره، { ومَن أساء فعليها } ضرره، لا على غيره، { وما ربك بظلاّمٍ للعبيد } ، فيعذب غير المسيء، أو يُنقص من إحسان المحسن. الإشارة: الاختلاف على أهل الخصوصية سُنَّة ماضية، { ولن تجد لسنة الله تبديلاً } ، فمَن رام الاتفاق على خصوصيته، فهو كاذب في دعوى الخصوصية، وفي الحِكَم: " استشرافك أن يعلم الخلق بخصوصيتك دليل على عدم صدقك في عبوديتك ". ثم ذكر بيان الساعة الموعودة بها في قوله: { ولولا كلمةٌ سبقتْ من ربك } لأنها محل القضاء بين العباد، فكأن قائلاً قال: متى ذلك؟ فقال: { إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ }.