الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُواْ قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوۤاْ إِلَى ٱلْفِتْنِةِ أُرْكِسُواْ فِيِهَا فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوۤاْ إِلَيْكُمُ ٱلسَّلَمَ وَيَكُفُّوۤاْ أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَٱقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُوْلَـٰئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً }

يقول الحقّ جلّ جلاله: { ستجدون } قوماً { آخرين } منافقين، وهم أسد وغطفان، قَدِمُوا المدينة، وأظهروا الإسلام نفاقًا ورياء إذا لقوا النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: إنا على دينك، يريدون الأمن، إذا لقوا قومهم، وقالوا لأحدهم: لماذا أسلمت ومن تعبد؟ فيقول: لهذا القرد ولهذا العقرب والخنفساء، { يريدون } بإظهار الإسلام { أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كلما رُدوا إلى الفتنة أركسوا فيها } ، أي: كلما دُعُوا إلى الكفر رَجَعُوا إليه أقبحَ رد، { فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم } أي: ولم يلقوا إليكم المسالمة والصلح، ولم { يكفّوا أيديهم } بأن تعرضوا لكم { فاقتلوهم حيث ثقفتموهم } أي: وجدتموهم، { وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانًا } ، أي: تسلطاً { مبينًا } ظاهرًا، لظهور كفرهم وثبوت عداوتهم. الإشارة: النفوس على ثلاثة أقسام: قسم مطلقة العنان في الجرائم والعصيان، وهي النفوس الأمارة، وإليها الإشارة بالآية قبلها، والله أعلم. وقسم مذبذبة تارة تظهر الطاعة والإذعان، تريد أن يأمنها صاحبها، وتارة ترجع إلى الغي والعصيان، مهما دعيت إلى فتنة وقعت فيها، فأم لم تنته عن ذلك، وتكف عن غيها، فالواجب جهادها وقتلها حتى تنقاد بالكلية إلى ربها، وأما النفس المطمئنة فلا كلام معها لتحقق إسلامها، فالواجب الكف عنها وحبها. والله تعالى أعلم.