قلت: قرآناً: حال مؤكدة من " هذا " ، على أن مدار التأكيد هو الوصف، كقولك: جاءني زيد رجلاً صالحاً. يقول الحق جلّ جلاله: { ولقد ضَرَبْنَا } أي: وضحنا { للناس في هذا القرآنِ من كل مَثَل }: يحتاج إليه الناظر في أمر دينه، { لعلهم يتذكرون } أي: كي يتذكروا به ويتعظوا، حال كونه { قرآناً عربياً } لتفهموا معانيه بسرعة، { غيرَ ذي عوجٍ }: لا اختلاف فيه بوجه من الوجوه، فهو أبلغ من المستقيم، وأخص بالمعاني: وقيل: المراد بالعوج: الشك. { لعلهم يتقون } ما يضرهم في معادهم ومعاشهم. الإشارة: قد بيَّن الله في القرآن ما يحتاج إليه المريد في سلوكه وجذبه، وسيره ووصوله، من بيان الشرائع وإظهار الطرائق، وتبيين الحقائق. قال تعالى:{ مَّا فَرَّطْنَا فِى الْكِتَابِ مِن شَىْءٍ } [الأنعام: 38] لكن لا يغوص على هذا إلا الجهابذة من البحرية الذين غاصوا بأسرارهم في بحر الأحدية، وتغلغلوا في العلوم اللدنية، ومَن لم يبلغ هذا المقام يصحب مَن يبلغه، حتى يوصله إلى ربه، ولا يكون الوصول إلا بقلب مفردٍ، غير مشترك، كما بيَّن ذلك في قوله تعالى: { ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَآءُ }.