الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ هَـٰذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ } * { جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } * { هَـٰذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ } * { وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ } * { هَـٰذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ لاَ مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُواْ ٱلنَّارِ } * { قَالُواْ بَلْ أَنتُمْ لاَ مَرْحَباً بِكُمْ أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ ٱلْقَرَارُ } * { قَالُواْ رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَـٰذَا فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِي ٱلنَّارِ } * { وَقَالُواْ مَا لَنَا لاَ نَرَىٰ رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِّنَ ٱلأَشْرَارِ } * { أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ ٱلأَبْصَار } * { إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ ٱلنَّارِ }

قلت: هذا خبر، أي: الأمر هذا، أو: مبتدأ أي: هذا كما ذكر، وهو من الاقتضاب الذي يقرب من التخلص، كقوله بعد الحمد: أما بعد. قال السعد: هو من فصل الخطاب، الذي هو أحسن موقعاً من التخلُّص. قال: وقد يكون الخبر مذكوراً كقوله:هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ... } [ص: 49] هـ. قال الطيبي: هو من فصل الخطاب، على التقدير الأول، لا الثاني. هـ. أي: إذا كان خبراً عن مضمر، لا ما إذا ذكر الخبر. يقول الحق جلّ جلاله: { هذا } أي: الأمر هذا، { وإِنَّ للطاغين لشرَّ مآبٍ } مرجع { جهنَّمَ يصلونها } يدخلونها، حال من جهنم، { فبئس المِهادُ }: الفراش، شبّه ما تحتهم من النار بالمهاد الذي يفرش للنائم، والمخصوص محذوف، أي: جهنم. { هذا فليذوقوه } أي: ليذوقوا هذا فليذوقوه، كقوله تعالى:وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ } [البقرة: 40] أو: العذاب هذا فليذوقوه، وهو { حميمٌ وغسَّاق }... الخ، أو: { هذا }: مبتدأ، و { حميم وغساق }: خبر، وما بينهما اعتراض، والغساق: ما يَغسَق، أي: يسيل من صديد أهل النار، يقال: غَسَقت العين إذا سال دمعها. وقيل: الحميم يحرق بحرّه، والغساق يحرق ببرده. قيل: " لو قطرت منه قطرة بالمشرق لأنتنت أهل المغرب، ولو قطرت بالمغرب لأنتنت أهل المشرق " وقيل: الغساق: عذاب لا يعلمه إلا الله. وهو بالتخفيف والتشديد، قرىء بهما. { وآخَرُ } أي: وعذاب آخر، أو: مذوق آخر، { من شَكْلِه } من مثل العذاب المذكور. وقرأ البصري: " أُخَرُ " بالجمع، أي: ومذوقات أُخَرُ من شكل هذا العذاب في الشدّة والفظاظة، { أزواجٌ } أي: أصناف، وهو خبر لأخر، أو: صفة له، أو: للثلاثة. { هذا فوج مُّقْتَحِمٌ معكم } ، حكاية لِمَا يقوله الخزنة للطاغين إذا دخلوا النار، واقتحمها معهم فوج كانوا يتبعونهم في الكفر والضلالة. والاقتحام: الدخول في الشيء بشدة، أو: من كلام الطاغين بعضهم من بعض. { لا مرحباً بهم } ، هو من تمام كلام الخزنة، على الأول، أو: من كلام الطاغين، دعاء منهم على أتباعهم. يُقال لمَن يدعو له أو يفرح به. مرحباً، أي: وجدت مكاناً رَحْباً، لا ضيقاً، ثم تدخل عليه النفي في دعاء السوء، فتقول: لا مرحباً. و " بهم ": بيان للمدعو عليهم، { إِنهم صالُوا النارِ } أي: داخلوها. وهو تعليل لاستحقاقهم الدعاء عليهم. وقيل: { هذا فوج... } إلخ، من كلام الخزنة لرؤساء الكفرة. و { لا مرحباً بهم... } الخ، من كلام الرؤساء. { قالوا } أي: الأتباع، { بل أنتم لا مرحباً بكم } أي: الدعاء الذي دعوتم به علينا أنتم أحقّ به، وعلّلوا ذلك بقوله: { أنتم قدمتموه لنا } أي: إنكم دعوتمونا للكفر، فتبعناكم، فقدمتمونا به للعذاب، { فبئس القرارُ } أي: بئس المقر جهنم، قصدوا بذمها تغليظ جناية الرؤساء عليهم. { قالوا } أي: الأتباع، معرَّضين عن خصومتهم، متوجهين إلى الله: { ربَّنا مَن قدَّم لنا هذا فزِدْهُ عذاباً ضعفاً } أي: مضاعفاً.

السابقالتالي
2