الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱللَّهُ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ ٱلرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَىٰ بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ ٱلنُّشُورُ }

قلت: " كذلك ": خبر مقدّم، و " النشور ": مبتدأ. يقول الحق جلّ جلاله: { واللهُ الذي أرسلَ الرياحَ } وفي قراءة بالإفراد، للجنس، { فتُثير سحاباً } أي: تزعجه، وعبَّر بالمضارع على حكاية الحال الماضية استحضاراً لتلك الصورة البديعة، التي تقع فيها إثارة الرياح السحاب، الدالة على كمال القدرة وباهر الحكمة. { فسُقناه إِلى بلدٍ ميتٍ } لا نبات فيه، { فأحيينا به } أي: بالمطر النازل منه { الأرضَ بعد موتها } بعد يبسها. وعدل من الغيبة إلى التكلم لأنه أدخل في الاختصاص لِمَا فيه من مزيد بديع الصنع، { كذلك النشورُ } أي: مثل إحياء الموات نشور الأموات. وقيل: يحيي الله الخلق بماء يرسله من تحت العرش، كمنيّ الرجال، فتنبت به الأجسادُ في قبورها، ثم يرسل الأرواح فتدخل في أشباحها. " قال أبو رزين: قلت: يا رسول الله كيف يحيي الله الموتى؟ وما آية ذلك في خلقه؟ فقال: هل مررت بواد أهلك مَحْلاً؟ ـ أي جدباً ـ قلت: نعم، قال: فكذلك يُحيي الله الموتى، وتلك آية الله في خلقه ". الإشارة: والله الذي أرسل رياح الهداية، فتزعج سحاب الغين عن قلوب أهل الهداية، فسقناه ـ أي: ريح الهداية ـ إلى قلب ميت بالغفلة والجهل بالله، فأحيينا بالوارد الناشىء عن ريح الهداية أرضَ النفوس، بالنشاط إلى العبادة، والذكر، والمعرفة، بعد موتها بالغفلة والقسوة، كذلك النشور. وذلك عِزها. كما قال تعالى: { مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعِزَّةَ فَلِلَّهِ... }