الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ أَفَلاَ يَسْمَعُونَ }

قلت: فاعل " يهد ": هو الله، بدليل قراءة زيد عن يعقوب " نهد " بالنون، ولا يجوز أن يكون الفاعل، " كم " لأن الاستفهام له صدر الكلام، فلا يَعْمَلُ فيه بما قَبْله. يقول الحق جل جلاله: { أَوَ لَمْ يَهْدِ لهم } أي: يُبين لهم الله تعالى ما يعتبرون به، فينظروا { كم أهلكنا مِن قبلهِم من القرون } كعاد وثمود، وقوم لوط، { يمشون } يعني: قريشاً، { في مساكنهم } حين يمرون على ديارهم، ومنازُلُهمْ، خاوية، في متاجرهم إلى الشام، { إن في ذلك لآياتٍ } دالة على قدرتنا، وقهريتنا { أفلا يسمعون } المواعظ، فيتعظون بها؟. الإشارة: قال القشيري: لم يعتبروا بمنازل أقوام كانوا في حَبْرَةٍ، فصاروا في عَبرةً كانوا في سرورِ، فآلوا إلى ثبور، فجميع ديارهم وتراثِهم صارت لأغيارهم، وصُنوفُ أموالهم عادت إلى أشكالهم، سكنوا في ظِلالهم، ولم يعتبروا بمن مضى من أمثالهم، وفي مثلهم قيل:
نِعَــمٌ، كانــت عــلى قــو مٍ زمـانـا، ثــم فـاتــت، هكــذا النعمــةُ والإحـــ ســانُ قـد كانـت وكانـت.   
ثم ذكرّهم بآثار قدرته، فقال: { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَسُوقُ... }.