الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ } * { كَيْفَ يَهْدِي ٱللَّهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوۤاْ أَنَّ ٱلرَّسُولَ حَقٌّ وَجَآءَهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ }

قلت: { وشهدوا }: عطف على ما في { إيمانهم } من معنى الفعل، والتقدير: بعد أن آمنوا وشهدوا. يقول الحقّ جلّ جلاله: لرجال من الأنصار ارتدوا عن الإسلام ولحقوا بمكة، منهم الحارث بن سويد الأنصاري: { ومن } يطلب { غير الإسلام ديناً } يتدين به { فلن يُقبل منه } أبداً، { وهو في الآخرة من الخاسرين } لأنه أبطل الفطرة السليمة التي فطر الناس عليها، واستبدلها بالتقليد الرديء، بعد أن عاين سواطع البرهان، وشهدت نفسه بالحق والبيان، ولذلك وقع التعجب والاستبعاد من هدايته فقال: { كيف يهدي الله قوماً كفروا } بعد أن آمنوا، { وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات } أي: المعجزات الواضحات، فإن الحائد عن الحق بعدما وضح، منهمك في الضلال، بعيد عن الرشاد، فقد ظلم نفسه وبخسها، { والله لا يهدي القوم القوم الظالمين } الذين ظلموا أنفسهم بالإخلال بالنظر، ووضعوا الكفر موضع الإيمان، ولعل هذا في قوم مخصوصين سبق لهم الشقاء.