الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَتْ طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ آمِنُواْ بِٱلَّذِيۤ أُنْزِلَ عَلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ ٱلنَّهَارِ وَٱكْفُرُوۤاْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }

قال الحسن والسدي: تواطأ اثنا عشر رجلاً من يهود خيبر - يعني من أحبارهم - وقال بعضهم لبعض: ادخلوا في دين محمد أول النهار باللسان لا بالاعتقاد، واكفروا به آخره، وقولوا: نظرنا في كتبنا، وشاورنا علماءنا، فوجدنا محمداً ليس بذلك، وظهر لنا كذبه، وإنما نفعل ذلك حتى نشكك أصحابه. هـ. فحذَّر الله المسلمين من قولهم، فقال جلّ جلاله: { وقالت طائفة من أهل الكتاب } يعني: أحبارهم: { آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا } وأظهروا الدخول في دينهم، { وجه النهار وكفروا آخره } وقولوا: نظرنا في كتبنا، وشاورنا علماءنا، فلم نجد محمداً بالنعت الذي في التوراة، لعل أصحابه يشكون فيه - لعنهم الله وأضلّ سعيهم. وقيل: نزلت في شأن الكعبة، فإنَّ كعب بن الأشرف ومالك بن الصيف - من اليهود - قالا لأصحابهما: صلّوا معهم إلى الكعبة أول النهار، ثم صلّوا إلى الصخرة آخره، لعلهم يقولون: هم أعلم منا، وقد رجعوا، فيرجعون، ففضحهم الله وأبطل حيلهم الواهية. الإشارة: ترى كثيراً من الناس يدخلون في طريق القوم، ثم تثقل عليهم أعباؤها، فيخرجون منها إما لضعفهم عن حملها، أو لكونهم دخلوا مختبرين لها، أو على حرف أو حيلة لغيرهم، فإذا رجع أحد منهم قال الناس: لو كانت صحيحة ما رجع فلان عنها، ويصدون الناس عن الدخول فيها والدوام عليها، وهذه نزعة إسرائيلية، قالوا: آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون وقد قال عليه الصلاة والسلام: " لتَسْلُكن سَنَنَ مَنْ قَبْلكم بِشبْر، وذِرَاعاً بذرَاع، حتى لَوْ دَخلُوا جُحْر ضَبٍّ لدخلْتُموه، قالوا: اليَهُود والنًّصَارَى؟ قال: نعم، فَمنْ إذن " وبالله التوفيق.