الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَيَقْتُلُونَ ٱلنَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ ٱلَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِٱلْقِسْطِ مِنَ ٱلنَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } * { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ }

قلت: إنما دخلت الفاء في خبر إنَّ لتضمن اسمها معنى الشرط لعموم الموصول وإبهامه، وهو خاص بإنَّ، دون ليت ولعل لأن " إن " لا تغير معنى الابتداء، وإنما تؤكده. وقيل: الخبر: { أولئك... } الخ. يقول الحقّ جّل جلاله: { إن الذين يكفرون بآيات الله } أي: بحُججه الدالة على توحيده، وصحة نبوة رسله، أو بكلامه، وهم اليهود، { ويقتلون النبيين بغير حق } بل بغياً { ويقتلون الذين يأمرون } بالعدل وترك الظلم من الأحبار { فبشرهم بعذاب أليم } موجع، { أولئك الذين حبطت أعمالهم } أي: بطلت، { في الدنيا والآخرة } فلا ينتفعون بها في الدارين، { وما لهم من ناصرين } يمنعونهم من العذاب ". وعن أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه قال: سألت النبيّ صلى الله عليه وسلم أيُّ النَّاسِ أشَدُّ عَذَاباً يَوْمَ القيامة؟ قال: رَجُلٌ قَتَلَ نَبِيّاً، أو رَجل أمَرَ بالمُنكَر ونَهَى عن المَعْرُوفِ، ثم قرأ النبيّ صلى الله عليه وسلم { ويقتلون النبيين بغير حق } الآية، ثم قال: يا أبَا عُبَيْدَةَ، قتلَتْ بَنُوا إسْرَائِيلَ ثلاثةً وأرْبَعِين نبيّاً أوَّل النَّهَار في سَاعَةٍ، فقام مائة وعشرون من عُبَّادِ بَني إسْرَائِيل فأَمرُوهم بالمَعرُوف ونَهوهُمْ عن المنكر، فقتلوهم جميعاً مِنْ آخِرِ النَّهارِ من ذلك اليوم، فهم الذين ذكرهم في كتابه، وأنزل الآية فيهم " هـ. من الثعلبي. الإشارة: ذكر في الآية الأولى تشجيع المريدين، وأمرهم بالصبر والتسليم لإذاية المؤذين، وذكر هنا وبال المؤذين الجاحدين لخصوصية المقربين، فالأولياء والعلماء ورثة الأنبياء، فمن آذاهم فله عذاب أليم، في الدنيا بغم الحجاب وسوء المنقلب، وفي الآخرة بالبعد عن ساحة المقربين، وبالسقوط إلى دَرْكَ الأسفلين، والله تعالى أعلم.