الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ مِّنْهُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ ٱلْفَاسِقُونَ } * { لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ ٱلأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ } * { ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوۤاْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ ٱلنَّاسِ وَبَآءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلْمَسْكَنَةُ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَيَقْتُلُونَ ٱلأَنْبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذٰلِكَ بِمَا عَصَوْاْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }

قلت: { كان }: على بابها من الدلالة على المُضِيِّ، أي: كنتم في اللوح المحفوظ، أو في علم الله، أو فيما بين الأمم المتقدمة، أو: صلة، أي: أنتم خير أمة، و { للناس }: يتعلق بأخرجت، أو بكنتم، أي: كنتم خير الناس للناس. يقول الحقّ جلّ جلاله: لأمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: { كنتم } في سابق علمي { خير أمة } ظهرت { للناس } تجيئون بهم إلى الجنة بالسلاسل. ثم بيَّن وجه فضلهم فقال: { تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله } وبجميع ما يجب الإيمان به. وقد ورد في مدح هذه الأمة المحمدية أحاديث، منها قوله صلى الله عليه وسلم: " حُرِّمتْ الجنةُ على الأنبياء حتى أدخلها أنا، وحُرّمتْ الجنة على الأُمَمِ حتى تدخلها أمتي " ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: " أمتي أمةٌ مَرْحُومَةٌ، إذَا كَانَ يَوْمُ القِيامةِ أَعطى الله كُلَّ رَجُلٍ مِن هذه الأمة رجُلاً فيقال: هذَا فِدَاؤُكَ مِنَ النَّارِ ". وعن أنس قال: " خرجت مع النبيّ صلى الله عليه وسلم، فإذا صوت يجيء من شِعْبِ، فقال: يا أنس: قُمْ فانظرْ ما هذا الصوت، فانطلقت فإذا برجلٍ يُصلّي إلى شجرة، ويقول: اللهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، الأمة المرحومة، المغفور لها، المستجاب لها، المتاب عليها، فأتيتُ النبيّ صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فقال: انطلق، فقل له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئك السلام، ويقول لك: من أنت؟ فأتيت، فأعلمته ما قال النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: اقرأ مني السلام على رسول الله صلى لله عليه وسلم، وقل له: أخوك الخضر يقول لك: ادع الله أن يجعلني من أمتك المرحومة المغفور لها ". وقيل لعيسى ابن مريم: هل بعد هذه الأمة أمة؟ قال: نعم، أمة أحمد. قيل: وما أمة أحمد؟ قال: علماء، حكماء، أبرار أتقياء، كأنهم من الفقه أنبياء، يرضون باليسير من الرزق، ويرضى الله عنهم باليسير من العمل، يدخلهم الجنة بشهادة أن لا إله إلا الله. هـ. وليس أولها أولى بالمدح من آخرها، لقوله صلى الله عليه وسلم: " أُمتي كالمَطَرِ، لا يُدْرَى أولهُ خيرٌ أو آخرُه " ؟ وفي خبر آخر عنه صلى الله عليه وسلم قال: " اشتقْتُ إلى إخواني، فقال أصحابُه: نحن إخوانُك يا رسول الله، فقال أنتم أصْحَابي، إخْواني: ناس يأتُون بعدي، يُؤمنون بي ولم يَرَوْنِي، يَوَدُّ أحدُهم لو يَرَاني بجميع ما يَمْلِكُ. يَعْدِلُ عملُ أحدهم سبعين منكم. قالوا: مِنْهم يا رسول الله؟ قال: منكم. قالوا: ولِمَ ذلك يا رسول الله؟ قال: لأنكم وَجَدْتُم على الخير أعْواناً، وهم لا يَجِدُوا عليه أعواناً " أو كما قال - عليه الصلاة والسلام -.

السابقالتالي
2 3