الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ ٱلْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ }

قلت: يقال: وصلت الشيء: جعلته موصولاً بعضه ببعض، ويقال: وصلت إليه الكتاب: أبلغته. يقول الحق جل جلاله: { ولقد وصَّلْنا لهم } أي: لقريش ولغيرهم، { القولَ } القرآن، أي: تابعناه موصولاً بعضه ببعض في المواعظ والزواجر، والدعاء إلى الإسلام. قال ابن عطية. وقال ابن عرفة اللُّغَوِي: أي: أنزلناه شيئاً بعد شيء، ليصل بعضه ببعض، ليكونوا له أوعى. هـ. وتنزيله كذلك ليكون أبلغ في التذكير ولذلك قال: { لعلهم يتذكرون } يعني: أن القرآن أتاهم متتابعاً متواصلاً وعداً، ووعيداً، وقصصاً، وعِبَراً، ومواعظ ليتذكروا فيفلحوا. وقيل: معنى وصلنا: أبلغنا. وهو أقرب لتبادر الفهم، وفي البخاري: أي: " بيّنا وأتممنا ". وهو عن ابن عباس. وقال مجاهد: فصّلنا. وقال ابن زيد: وَصَلْنَا خير الدنيا بخير الآخرة، حتى كأنهم عاينوا الآخرة في الدنيا. الإشارة: تفريق المواعظ في الأيام، شيئاً فشيئاً، أبلغ وأنفع من سردها كلها في يوم واحد. وفي الحديث: " كان صلى الله عليه وسلم يَتَخَوَّلُنَا بالموعِظَةِ، مَخَافَة السآمة علينا " والتخول: التعاهد شيئاً فشيئاً. والله تعالى أعلم. ثم ذكر من آمن به وعرف قدره، فقال: { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ... }