الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ لِلْمَلإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ } * { يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ } * { قَالُوۤاْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَٱبْعَثْ فِي ٱلْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ } * { يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ }

قلت: حوله: ظرف وقع موقع الحال، أي: مستقرين حوله. يقول الحق جل جلاله: { قال } فرعونُ، لَمَّا رأى ما بهته وحيّره، { للملإِ حولَه } ، وهم أشراف قومه: { إنَّ هذا لساحِرٌ عليم } فائق في فن السحر. ثم أعدى قومه على موسى بقوله: { يريد أن يُخرجكم } بما صنع { من أرضكم بسحره فماذا تأمرون } تُشيرون في أمره من حبس أو قتل، وهو من المؤامرة، أي: المشاورة، أو: ماذا تأمرون به، من الأمر، لما بهره سلطان المعجزة وحيّره، حط نفسه عن ذروة ادعاء الربوبية إلى حضيض الخضوع لعبيده - في زعمه - والامتثال لأمرهم، وجعل نفسه مأمورة، أو: إلى مقام مؤامرتهم ومشاورتهم، بعد ما كان مستقلاً في الرأي والتدبير. { قالوا } له: { أرْجِهْ وأخاه } أي: أَخِّرْ أمرهما، ولا تعجل بقتلهما خوفاً من الفتنة أو: احبسهما، { وابعث في المدائن حاشرين } أي: شُرَطاً يحشرون السحرة، { يأتوك } أي: الحاشرون { بكل سحَّارٍ عليم } فائق في فن السحر. وأتوا بصيغة المبالغة ليُسَكِّنُوا بعض رَوعته. والله تعالى أعلم. الإشارة: المشاورة في الأمور المهمة من شأن أهل السياسة والرأي، وفي الحديث: " ما خَابَ مَن اسْتَخَار، ولا نَدِمَ من اسْتَشَار " ، فالمشاورة من الأمر القديم، وما زالت الأكابر من الأولياء والأمراء يتشاورون في أمورهم اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم. وبالله التوفيق. ثم ذكر جمع الحرة، فقال: { فَجُمِعَ ٱلسَّحَرَةُ... }