الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ كَذَّبَتْ ثَمُودُ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ } * { إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ } * { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ } * { وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَىٰ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَآ آمِنِينَ } * { فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ } * { وَتَنْحِتُونَ مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ } * { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ } * { وَلاَ تُطِيعُوۤاْ أَمْرَ ٱلْمُسْرِفِينَ } * { ٱلَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ } * { قَالُوۤاْ إِنَّمَآ أَنتَ مِنَ ٱلْمُسَحَّرِينَ } * { مَآ أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { قَالَ هَـٰذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } * { وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوۤءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ } * { فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُواْ نَادِمِينَ } * { فَأَخَذَهُمُ ٱلْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ } * { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ }

يقول الحق جل جلاله: { كَذَّبَتْ ثمودُ المرسَلين إذ قال لهم أخوهم } نسباً، { صالحٌ ألا تتقون } الله تعالى، فتوحدونه، { إني لكم رسولٌ أمين }: مشهور فيكم بالأمانة، { فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على ربِّ العالمين أَتُتْركون فيما ها هنا آمنين } أي: أتطمعون أن تتركوا فيما ها هنا من النعمة والتَّرَفُّهِ، آمنين من عقاب الله وعذابه، وأنتم على كفركم وشرككم، كلا، والله لنختبرنكم ببعث الرسول، فإن كفرتم عاجلتكم بالعقوبة. ثم فسّر ما هم فيه من النعمة بقوله: { في جناتٍ وعيونٍ وزروعٍ ونخلٍ } هو دخل فيما قبله، وخصه بالذكر شرفاً له. أو: في جنات بلا نخل، { طَلْعُهَا هَضِيمٌ } ، والطلع: عنقود التمر في أول نباته، باقياً في غلافه. والهضيم: اللطيف اللين للطف الثمر، أو: لأن النخل أنثى وطلع الأنثى ألطف، أو: لنضجه، كأنه: قيل: ونخل قد أرطب ثمره. قال ابن عباس: إذا أينع فهو هضيم. وقال أيضاً: هضيم: طيب، وقال الزجاج: هو الذي رطبه بغير نوى، أو: دَانٍ من الأرض، قريب التناول. { وتَنْحِتُون } أي: تنقبون { من الجبال بيوتاً فارِهين } حال من الواو، أي: حاذقين، أو: ناشطين، أو: أقوياء، وقيل: أَشِرينَ بَطِرِينَ. قيل: كانوا في زمن الشتاء يسكنون الجبال، وفي زمن الربيع والصيف ينزلون بمواشيهم إلى الريف ومكان الخصب. { فاتقوا الله وأطيعون ولا تُطيعوا أمرَ المسرفين } الكافرين المجاوزين الحد في الكفر والطغيان، أي: لا تنقادوا لأمرهم، ولا تتبعوا رأيهم، وهم { الذين يُفسدون في الأرض } بالإسراف بالكفر والمعاصي، { ولا يُصلحُونَ } بالإيمان والطاعة. والمعنى: أن فسادهم خالص، لا يشوبه شيء من الصلاح، كما تكون حال بعض المفسدين مخلوطة ببعض الصلاح. { قََاُلوا إِنَّما أَنتَ مِنَ الْمُسَحِّرِينَ } الذين سُحِرُووا، حتى غَلَبَ على عقلهم السحرُ { وما أنت إلا بشرٌ مثلنا فأتِ بآيةٍ إن كنت من الصادقين } في دعوى الرسالة، { قال هذه ناقةٌ } ، قالها بعدما أخرجها الله تعالى من الصخرة بدعائه عليه السلام، { لها شِرْبٌ } نصيب من الماء، فلا تُزاحموها فيه، { ولكم شِرْبُ يومٍ مَعْلومٍ } لا تزاحمكم فيه. رُوي أنهم قالوا: نُريد ناقة عُشَرَاءَ، تخرج من هذه الصخرة، فتلد سَقْباً - والسقب: ولد الناقة - فقعد صالح يتفكر، فقال له جبريل عليه السلام: صَلِّ ركعتين، وسَلْ رَبَّك الناقة، ففعل، فخرجت الناقة، ونتجت سقباً مثلها في العِظم، وصدرها ستون ذراعاً - أي: طولها - وإذا كان يوم شربها شربت ماءهم كله، وإذا كان يوم شربهم لا تشرب فيه. { ولا تَمَسُّوها بِسُوءٍ } بضرب، أو عقر، أو غير ذلك، { فيأخذَكم عذابُ يومٍ عظيم } ، وصف اليوم بالعظم لعظم ما يحل فيه، وهو أبلغ من تعظيم العذاب، { فعقروها } عَقَرَها " قَدَّار " ، وأسند العقر إلى جميعهم لأنهم راضون به.

السابقالتالي
2