الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ وَحَرَامٌ عَلَىٰ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَآ أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } * { حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ } * { وَٱقْتَرَبَ ٱلْوَعْدُ ٱلْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يٰوَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ }

قلت: { حرام }: مبتدأ، وفيه لغتان: حرام وحِرْم، كحلال وحِلّ. و { أنهم... } الخ: خبر، أو فاعل سد مسده، على مذهب الكوفيين والأخفش. والجملة: تقرير لقوله: { كُلٌّ إلينا راجعون } ، و { لا } نافية، أي: ممتنع على قرية أهلكناها عدمُ رجوعهم إلينا بالبعث، بل كل إلينا راجعون. وقيل: { لا } زائدة، والتقدير: ممتنع رجوع قرية أردنا إهلاكها عن غيهم، { فإنهم }: على هذا: فاعل بحرام. قاله القصار. و { حتى }: ابتدائية، غاية لما يدل عليه ما قبلها، أي: يستمرون على ما هم عليه من الهلاك، حتى إذا قامت القيامة يرجعون إلينا، ويقولون: { يا ويلنا }. وقال أبو البقاء: { حتى }: متعلقة في المعنى بحرام، أي: يستقر الامتناع، أي: هذا الوقت. و { فإذا هي }: جواب { إذا }. وفي الأزهري: وقد يجمع بين الفاء وإذا الفجائية تأكيدًا، خلافًا لمن منع ذلك. قال تعالى: { فإذا هي شاخصة } ، فإنه لو قيل: إذا هي، أو فهي شاخصة لصح. هـ. وقيل: { يا ويلنا }: على حذف القول، أي: إذا فتحت قالوا: يا ويلهم. و { اقترب }: عطف على فُتحت. يقول الحقّ جلّ جلاله: { وحرامٌ } أي: ممتنع { على } أهل { قريةٍ أهلكناها } قدرنا هلاكها، أو حكمنا بإهلاكها لعتوهم، { إنهم إلينا لا يَرجعون } بالبعث والحشر، بل لا بد من بعثهم وحشرهم وجزائهم على أعمالهم. وتخصيص امتناع عدم رجوعهم بالذكر مع شمول الامتناع للكل لقوله: { كُلٌ إلينا راجعون } لأنهم المنكِرون للبعث والرجوع دون غيرهم. وقيل: المعنى: وممتنع على قرية، أردنا إهلاكها، رجوعهم إلى التوبة، أو ممتنع على قرية، أهلكناها بالفعل، رجوعهم إلى الدنيا. وفيه رد على مذهب القائلين بالرجعة من الروافض وأهل التناسخ، على أن " لا " صلة. وقُرئ بالكسر، على أنه تعليل لما قبله، فحرام، على هذا، خبر عن مبتدأ محذوف، أي: ذلك العمل الصالح حرام على قرية أردنا إهلاكها لأنهم لا يرجعون عن غيرهم. وقال الزجاج: المعنى: وحرام على قرية، أردنا إهلاكها، أن يُتَقَبَّلَ منهم عمل لأنهم لا يرجعون، أي: لا يتوبون، ويجوز حمل المفتوحة على هذا بحذف اللام، ويستمرون على ما هم عليه من الهلاك، أو: فليستمر امتناعهم من الرجوع. { حتى إذا فُتحت يأجوجُ ومأجوج } ونُفخ في الصور، وقامت القيامة، فيرجعون، ولا ينفعهم الرجوع. ويأجوج ومأجوج قبيلتان، يقال: الناس عشرة أجزاء، تسعة منها يأجوج ومأجوج. والمراد بفتحها: فتح سدها، على حذف مضاف أي: حتى إذا فُتح سد يأجوج ومأجوج، { وهم } أي: يأجوج ومأجوج، وقيل: الناس بعد البعث، { من كل حَدَبٍ } أي: نشز ومرتفع من الأرض، { يَنسِلُونَ }: يسرعون، وأصل النسل: مقاربة الخطو مع الإسراع. ويدل على عَود الضمير ليأجوج ومأجوج: قوله - عليه الصلاة والسلام -: " ويفتح ردم يأجوج ومأجوج، فيخرجون على الناس، كما قال الله تعالى: { من كل حدب ينسلون... } "

السابقالتالي
2