الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ طه } * { مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ } * { إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ } * { تَنزِيلاً مِّمَّنْ خَلَقَ ٱلأَرْضَ وَٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱلْعُلَى } * { ٱلرَّحْمَـٰنُ عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱسْتَوَىٰ } * { لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ ٱلثَّرَىٰ } * { وَإِن تَجْهَرْ بِٱلْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ وَأَخْفَى } * { ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ }

قلت: عن ابن عباس أن " طه " من أسماء الله تعالى، وقيل: معناه: طوبى لمن هدى، وقيل: يا طاهر يا هادي، فالطاء تشير إلى طهارته صلى الله عليه وسلم وتطهيره من دنس الحس، والهاء تشير إلى هدايته في نفسه، وهدايته غيره إلى حضرة القدس. ورُوِيَ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لي عشرة أسماء... " فذكر أن منها " طه ويس " ، وقيل: معناه: طِئ الأرض بقدمك لأنه كان يرفع رِجْلاً في الصلاة ويضع أخرى في طول تهجده، فأبدل الهمزة ألفًا، والضمير للأرض، ورُد بأنه لو كان كذلك لكُتبت بالألف، فإنَّ الكتابة بصورة الحرف مع التلفظ بخلافه من خصائص حروف المعجم. وقيل: معناه: يا رجل. وهو مروي عن ابن عباس والحسن ومجاهد وغيرهم، وهو عندهم على اللغة النبطية، أو السريانية. قيل: من جعل معنى " طه " يا رجل، لم يقل على طه، وكذا من جعله اسمًا للنبي صلى الله عليه وسلم لأن النداء تنبيه على ما بعده، ومن جعلها افتتاحًا، أو على وجه من الوجوه المذكورة في البقرة، وقف عليها، إلا في قول من جعلها قَسَمًا، فإنه لا يقف عليها لأن قوله: { ما أنزلنا... } الخ جواب قسم. قلت: المتبادر من سبب نزولها ومن قوله: { ما أنزلنا }: إما القسم أو النداء، فالقَسَم على أن ذلك من أسماء الله، والنداء على كون ذلك بمعنى يا رجل، أو من أسمائه صلى الله عليه وسلم. وأمَّا غير ذلك فبعيد، إلا أن يكون ما بعد ذلك استئنافًا بعد الوقف على " طه ". قاله في الحاشية. و { إلاَّ تذكرة }: مفعول لأجله. والاستثناء منقطع، أي: ما أنزلناه لتتعب به، لكن أنزلناه للتذكرة والوعظ، و { تنزيلاً }: مصدر مؤكد لمضمر مستأنف مقرر لما قبله، أي: أنزل تنزيلاً، والأصح: أنه بدل من اللفظ بفعله الناصب له، فلا يجمع بينه وبين المبدل منه، وفيه معنى التأكيد لما قبله، أو هو نص في معناه، وإنما تلون الكلام بالالتفات، أو منصوب على المدح والاختصاص، أو مفعول بيخشى، أو حال من " القرآن " ، و { الرحمن }: رفع على المدح، وقد عرفت أن المرفوع مدحًا، في حكم الصفة الجارية على ما قبلها، وإن لم يكن تابعًا له في الإعراب، ولذلك ألزموا حذف المبتدأ ليكون في صورة متعلقٍ من متعلقاته. وقرئ بالجر صفةً للموصول، وما قيل من أن الموصولات لا تُوصف إلا بالذي وحده فمذهب كوفي، أو { الرحمن }: مبتدأ، و { على العرش }: خبره. و { على }: متعلقة باستوى، قُدمت للفواصل. و { إن تجهر }: شرط، والجواب محذوف دل عليه { فإنه... } الخ، أي: فالله غني عن جهرك، فإنه.

السابقالتالي
2 3 4