الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَّتَاعاً إِلَى ٱلْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِيۤ أَنْفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }

قلت: { وصية }: مبتدأ، والخبر محذوف، أي: عليهم وصية، ومَنْ نَصَبَ، فمفعول مطلق، أي: فليوصوا وصية، و { غير }: حال من الأزواج، أي: حَالَ كَوْنِهِنَّ غَيْرَ مُخْرَجَاتِ. يقول الحقّ جلّ جلاله: { والذين يتوفون منكم } ويتركون { أزواجاً } بعدهم، فيجب عليهم أن يوصوا لأزواجهم وصية يتمتعن بها من كسوة ونفقة وسكنى، إلى تمام { الحول } ما دام الأزواج لم يخرجن من مسكن الزوج، { فإن خرجن } بأنفسهن، فلا نفقة ولا كسوة ولا سكنى عليكم أيها الأولياء، ولا حرج عليكم { فيما فعلن في أنفسهن } من التزين والتعرض للنكاح بعد تمام عدتهن، على ما هو معروف في الشرع، والوصية منسوخة بآية الميراث، وتربص الحول بآيةأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشَراً } [البَقَرَة: 234] المتقدمة المتأخرة في النزول، { والله عزيز حكيم } ينسخ ما يشاء، ويحكم ما يريد، باعتبار الحكمة والمصلحة. الإشارة: والذين يُتوفون عن الحظوظ والشهوات، ويتركون علوماً وأسراراً، ينبغي لهم أن يوصوا بحفظها وتدوينها، كان الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه إذا استغرف في الكلام وفاضت عليه المواهب، يقول: هلاَّ رجلٌ يقيد عنا هذه العلوم. هـ ليقع التمتع بها للسائرين والطالبين، { غير إخراج } لغير أهلها، فإن قضى الوقت يخروجها، من غير قصد، فلا حرج، إما لغلبة وجد أو هداية مريد، { والله عزيز حكيم } ، فعزته اقتضت الغيرة على سره: أن يأخذه غير أهله، وحكمته اقتضت ظهوره في وقته لأهله. والله تعالى أعلم.