الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ فِيۤ أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلاۤ إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ ٱتَّقَىٰ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُوآ أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }

يقول الحقّ جلّ جلاله: { واذكروا الله في أيام معدودات } وهي ثاني النَّحْر وثالثُة ورابعُه، وهي أيام التشريق وأيام منى، وأما الأيام المعلومات فهي يوم النحر وثانِيه وثالثُه. والمراد بالذِكْر: التكبيرُ عند الرمي، وذبحِ القَرَابين، وخَلْفَ الصلواتِ الخمس، وغير ذلك، { فمن تعجل في يومين } بحيث رمَى ثانيَ النحر وثالثه، ورجَع، { فلا إثم عليه ومن تأخر } لرمى رابع النحر، وهو ثالث أيام منى، { فلا إثم عليه } ، والقصد بنفي الإثم: التخيير والرد على الجاهلية، فإنَّ منهم مَن أَثم المتعجل، ومنهم من أثم المتأخر. هذا كله { لمن اتقى } الله في حجه، لم يرفُث، ولم يفسُق، فإنه يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، كما قال الصادق المصدوق، { واتقوا الله } في جميع أموركم، فإنه ذكرٌ وشرفٌ لكم، { واعلموا أنكم إليه تحشرون } فتجازَوْن على ما أسلفتم من خير أو شر. الإشارة: الأيام المعدودات هي أيام الدنيا فإنها قلائل معدودة، وهي كلها كيوم واحد، وأيام البرزخ يومٌ ثانٍ، وأيام البعث وما بعده يوم ثالث، فمن تعجل في يومين، بحيث طوى في نظره أيام الدنيا وأيام البرزخ، وسكن بقلبه في يوم القيامة فلا إثم عليه، وهذا هو صاحب الهمة المتوسطة، ومن تأخر حتى زَهد في الأيام الثالثة، وعلق همته بمولاه، ولم يلتفت إلى ما سواه، فلا إثم عليه في ذلك التأخر، وإن اتقى شهود السوى، وعلق عمته بمحبة المولى، ثم حضّ سبحانه على هذه التقوى فقال: { واتقوا الله } فلا تشهدوا معه سواه، { واعلموا أنكم إليه تحشرون } فترَوْا ما فاز به المتقون.