الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُوا مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَآ أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَآ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ }

قلت: الضمير في { لهم } يعود على { من يتخذ من دونه الله أنداداً } ، أو على { الناس } ، من قوله: { يا أيها الناس } ، أو على { اليهود } المتقدمين قبلُ، وألفى: بمعنى وجد، يتعدّى إلى مفعولين، وهما هنا: { آباءنا } والجار والمجرور، أي: نتبع في الدين ما وجدنا آباءنا كائنين عليه. يقول الحقّ جلّ جلاله: { وإذا قيل } لهؤلاء المشركين من كفار العرب: { اتبعوا ما أنزل الله } على سوله من التوحيد، وترك الأنداد له والأمثال، وتحريم الحرام وتحليل الحلال، { قالوا بل نتبع } ما وجدنا { عليه آباءنا } من عبادة الأصنام، وارتكاب المعاصي والآثام، قال الحق جلّ جلاله: أيتبعونهم تقليداً وعَمى، ولو كان آباؤهم جهلة { لا يعقلون شيئاً } من الدين، ولا يتفكرون في سبيل المهتدين؟! وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: دعا النبيّ صلى الله عليه وسلم اليهودَ إلى الإسلام، ورغبهم فيه، فقال له رافع بن خارجة ومالك بن عوف: بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا، فهم كانوا خيراً وأعلم منا، فأنزل الله تعالى هذه الآية. هـ. الإشارة: وإذا قيل لمن أكَبَّ على دنياه، واتخذ إلهه هواه، فأشرك في محبة الله سواه: أقلعْ عن حظوظك وهواك، وأفرد الوجهه إلى مولاك، واتبع ما أنزل الله من وجوب مخالفة الهوى ومحبة المولى، قال: بل أتبع ما وجدتُ عليه الآباء والأجداد، وأكبَّ عليه جلُّ العباد، فيقال له: أتتبعهم في متابعة الهوى، ولو كانوا لا يعقلون شياً من طرق الهدى؟ وقد قال - عليه الصلاة والسلام -: " لا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ حتى يَكُونَ هَواهُ تَبعاً لِمَا جِئتُ به " هـ..