الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ ٱلأَرْضِ يَنْبُوعاً } * { أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ ٱلأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً } * { أَوْ تُسْقِطَ ٱلسَّمَآءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِٱللَّهِ وَٱلْمَلاۤئِكَةِ قَبِيلاً } * { أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَىٰ فِي ٱلسَّمَآءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَراً رَّسُولاً } * { وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤْمِنُوۤاْ إِذْ جَآءَهُمُ ٱلْهُدَىٰ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَبَعَثَ ٱللَّهُ بَشَراً رَّسُولاً } * { قُل لَوْ كَانَ فِي ٱلأَرْضِ مَلاۤئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَلَكاً رَّسُولاً } * { قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً }

قلت: من قرأ " كسفًا " بالتحريك: فهو جمع. ومن قرأ بالسكون: فمفرد. و { قبيلاً }: حال من " الله ". وحذف حال الملائكة لدلالة الأول عليه. و { أن يؤمنوا }: مفعول ثان لمنَع. و { إلا أن قالوا }: فاعل " منع ". يقول الحقّ جلّ جلاله: { وقالوا } أي: كفار قريش، عند ظهور عجزهم، ووضوح مغلوبيتهم بالإعجاز التنزيلي، وغيره من المعجزات الباهرة، معلِّلين بما لا يمكن في العادة وجوده، ولا تقتضي الحكمة وقوعه، من الأمور الخارقة للعادة، كما هو ديدن المبهوت المحجوج، قالوا للنبي - عليه الصلاة والسلام - في جمع من أشرافهم: إن مكة قليلة الماء، ففجر لنا فيها عينًا من ماء، وهو معنى قوله تعالى: { لن نُؤمن لك حتى تَفْجُرَ لنا من الأرض } أرض مكة { يَنْبوعًا } عينًا لا ينشف ماؤها. وينبوع: يفعول، من نبع الماء إذا خرج. { أو تكون لك جنَّةٌ } أي: بستان يستر أشجاره ما تحتها من العرصة، { من نخيلٍ وعِنَبٍ فتفجرَ الأنهارَ } أي: تجريها بقوة، { خلالها } في وسطها { تفجيرًا } كثيرًا، والمراد: إما إجراء الأنهار خلالها عند سقيها، أو إدامة إجرائها، كما ينبئ عنه " الفاء " ، { أو تُسْقِطَ السماء كما زعمتَ علينا كِسَفًا } قطعًا متعددة، أو قطعًا واحدًا، و { كما زعمت }: يعنون بذلك قوله تعالى:إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ ٱلأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } [سبأ: 9]، { أو تأتي بالله والملائكة قَبيلاً } أي: مقابلاً نُعاينه جهرًا، أو ضامنًا وكفيلاً يشهد بصحة ما تدعيه، { أو يكون لك بيتٌ من زُخرفٍ } أي: ذهب. وقرئ به. وأصل الزخرفة: الزينة، { أو تَرْقَى في السماء } أي: في معارجها فحذف المضاف. { ولن نُؤمن لرُقيك } أي: لأجل رُقيك فيها وحده { حتى تنزل } منها { علينا كتابًا } فيه تصديقك، { نقرؤه } نحن، من غير أن يتلقى من قبلك. وعن ابن عباس رضي الله عنه: قال عَبْدُ اللهِ بنُ أُميَّة لرسول صلى الله عليه وسلم - وكان ابن عمته -: لن أؤمن لكَ حَتَّى تتَّخذَ إلى السماء سُلَّمًا، ثم ترقى فيه وأنا أنظر، حتَّى تأتيها، وتأتي معك بصك منشور، معه أربعة من الملائِكَةِ يَشْهَدُونَ أنك كما تقول. هـ. ثم أسلم عبد الله بعد ذلك. ولم يقصدوا بتلك الاقتراحات الباطلة إلا العناد واللجاج. ولو أنهم أوتوا أضعاف ما اقترحوا من الآيات، ما زادهم ذلك إلا مكابرة. وإلا فقد يكفيهم بعض ما شهدوا من المعجزات، التي تخر لها صُم الجبال. قال تعالى لنبيه - عليه الصلاة والسلام -: { قلْ } تعجبًا من شدة شكيمتهم. وفي رواية " قال ": { سبحان ربي } تنزيهًا له من أن يتحكم عليه أو يشاركه أحد في قدرته.

السابقالتالي
2