الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ وَآتَيْنَآ مُوسَى ٱلْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً } * { ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً }

قلت: { ذرية }: منادى، أي: يا ذرية من حملنا مع نوح، والمراد: بني إسرائيل. وفي ندائهم بذلك: تلطف وتذكير بالنعم، وقيل: مفعول أول بتتخذوا، أي: لا تتخذوا ذرية من حملنا مع نوح من دوني وكيلاً، فتكون كقوله:وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ ٱلْمَلاَئِكَةَ وَٱلنَّبِيِّيْنَ أَرْبَاباً } [آل عِمرَان: 80]. يقول الحقّ جلّ جلاله: { وآتينا موسى الكتابَ } التوراة { وجعلناه } أي: التوراة { هُدًى لبني إِسرائيل } ، وقلنا: { ألاّ تتخذوا من دوني وكيلاً } تُفوضون إليه أموركم، وتُطيعونه فيما يأمركم. بل فوضوا أموركم إلى الله، واقصدوا بطاعتكم وجه الله، يا { ذريةَ مَنْ حملنا مع نوح } ، فاذكروا نعمة الإنجاء من الغرق، وحملَ أسلافكم في سفينة نوح، { إِنه كان عبدًا شكورًا } يحمد الله ويشكره في جميع حالاته. وفيه إيماء بأن إنجاءه ومن معه كان ببركة شكره، وَحَثٌّ للذرية على الاقتداء به. والله تعالى أعلم. الإشارة: المقصود من إرسال الرسل وإنزال الكتب هو، إفراد الوجهة إلى الحق، ورفعُ الهمة عن الخلق، حتى لا يبقى الركون إلا إليه، ولا الاعتماد إلا عليه، وهو مقتضى التوحيد. قال تعالىلاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَٱتَّخِذْهُ وَكِيلاً } [المُزمّل: 9]. وبالله التوفيق. ثم ذكر ما أحدث بنو اسرائيل وما جرى عليهم في القضاء