الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَأَخَذَتِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ } * { كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ أَلاَ بُعْداً لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ }

يقول الحق جل جلاله: { ولما جاء أمرنُا }: عذابنا لقوم شعيب، { نجينا شعيباً والذين آمنوا معه برحمة منا } ، لا بعمل استحقوا به ذلك إذ كل من عنده، { وأخذت الذين ظلموا الصيحةُ } قيل: صاح بهم جبريل فهلكوا، { فأصبحوا في ديارهم جاثمين }: ميتين. وأصل الجثوم: اللزوم في المكان. { كأن لم يَغْنَوا فيها } كأن لم يقيموا فيها ساعة، { ألا بعْداً لمدين كما بَعِدَتْ ثمودُ } ، شبههم بهم لأن عذابهم كان أيضاً بالصيحة، غير أن صيحة ثمود كانت من فوق، وصيحة مدين كانت من تحت، على ما قيل، ويدل عليه: التعبير عنهما بالرجفة في آية أخرى. والرجفة في الغالب إنما تكون من ناحية الأرض. وفي البيضاوي خلاف هذا، وهو غير جَيد. قال قتادة: بعث الله شعيباً إلى أمتين: أصحاب الأيكة، وأصحاب مدين، فأهلك أصحاب الأيكة بالظلة، على ما يأتي، وأما أهل مدين فصاح بهم جبريل صيحة فهلكوا أجمعين. قيل: وآمن بشعيب من الفئتين: تسعمائة إنسان. وكان أهل الأيكة أهل غيطة وشجر، وكان شجرهم الدَّوْم ـ وهو شجر المُقْل. الإشارة: سبب النجاة من الهلاك في الدارين: توحيد الله، وتعظيم من جاء من عند الله. وسبب الهلاك: الإشراك بالله، وإهانة من عظمه الله. والله تعالى أعلم. ثم ذكر رسالة موسى عليه السلام بعد شعيب لأنه من تلامذته، فقال: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا }.