الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ فَمَآ آمَنَ لِمُوسَىٰ إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَىٰ خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي ٱلأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ ٱلْمُسْرِفِينَ }

قلت: الضمير في " ملئهم " يعود على فرعون، وجمعه على ما هو المعتاد في ضمير العظماء، أو باعتبار آل فرعون، كما يقال: ربيعة ومُضَر، أو على الذرية، أو على " قومه " وان يفتنهم بدل من فرعون، أو مفعول بخوف، وأفرد ضمير الفاعل، فلم يقل: أن يفتنوهم للدلالة على أن الخوف من الملأ كان بسبب فرعون. يقول الحق جل جلاله: { فما آمنَ لموسى } أي: صدّقه في أول مبعثه { إلا ذريةٌ }: إلا شباب وفتيان { من قومه }: من بني إسرائيل، آمنوا { على خوفٍ من فرعون وملئهم } أي: مع خوف من فرعون وقومه، أو على خوف من فرعون وملأ بني إسرائيل لأن الأكابر من بني إسرائيل كانوا يمنعون أولادهم من الإيمان خوفاً من فرعون، وهذا أرجح. خافوا { أن يفتنهم }: يعذبهم حتى يردهم عن دينهم، { وأن فرعونَ لعالٍ في الأرض }: لغالب فيها، { وإنه لَمِن المسرفين } في الكفر والعُتُوِّ حتى ادعى الربوبية، واسترقَّ أسباط الأنبياء. الإشارة: أهل التصديق بأهل الخصوصية قليل في كل زمان، وإيذاء المنتسبين لهم سنة جارية في كل أوان، فكل زمان له فراعين يُؤذون المنتسبين، والعاقبة للمتقين. ثم أمرهم بالتوكل والثبات، فقال: { وَقَالَ مُوسَىٰ يٰقَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ }.