الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَكُمُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } * { وَٱتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَٱصْبِرْ حَتَّىٰ يَحْكُمَ ٱللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ ٱلْحَاكِمِينَ }

يقول الحق جل جلاله: { قل أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم } الرسول أو القرآن، { فمن اهتدى } بالإيمان والمتابعة { فإنما يهتدي لنفسه } لأن نفعه لها، { ومن ضلَّ فإنما يضل عليها } لأن وبال الضلال عليها، { وما أنا عليكم بوكيل } أي: موكلٌ عليكم، فأقهركم على الإيمان، وإنما أنا بشير نذير. وهو منسوخ بآية السيف. { واتبع ما يُوحى إليك } بالامتثال والتبليغ، { واصبر حتى يحكم الله } بينك وبين عدوك، بالأمر بالقتال، ثم بالنصر والعز، { وهو خير الحاكمين } إذا لا يمكن الخطأ في حكمه، لاطلاعه على السرائر كاطلاعه على الظواهر. الإشارة: يا أيها الناس قد جاءكم من يُعرفكم بالحق من ربكم، فمن اهتدى بمعرفته واتباعه نفع نفسه، حيث أخرجها من غم الحجاب، وشفاها من سقم الشك والارتياب، ومن ضل عن معرفته فوبالهُ عليه، حيث ترك نفسه في أودية الخواطر تَجُول، وحرمها من الله حقيقة الوصول. ويقال: للعارف إذا اعرض الخلق عنه، ولم ينفع فيهم تذكيره ووعظه: اتبع ما يوحى إليك من وحي الإلهام، فإنه حق في حق الخصوص إذ لا يتجلى في قلوبهم إلا ما هو حق، حيث تطهرت من خواطر الخلق. واصبر حتى يحكم الله بإرسال ريح الهداية، وهو خير الحاكمين. وبالله التوفيق، وهو الهادي إلى سواء الطريق.