الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ جَزَآؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً رِّضِىَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ }

{ جزآؤهم } بمقابلة مالهم من الايمان والطاعات وهو مبتدأ { عند ربهم } ظرف للجزآء { جنات عدن } اى دخول جنات عدن وهو خبر للمبتدأ والعدن الاقامة والدوام وقال ابن مسعود رضى الله عنه عدن بطنان الجنة اى وسطها { تجرى من تحتها الانهار } ميرود از زير اشجار آن جويهاجه بستان بى آب روان نشايد. وفى الارشاد ان اريد بالجنات الاشجار الملتفة الاغصان كما هو الظاهر فجريان الانهار من تحتها ظاهر وان اريد بها مجموع الارض وما عليها فهو باعتبار الجزء الظاهر وايا ما كان فالمراد جريانها بغير اخدود وجميع جنات يدل على أن للمكلف جنات كما يدل عليه قوله تعالى ولمن خاف مقام ربه جنتان ثم قال ومن دونهما جنتان فذكر للواحد اربع جنات والسبب فيه أنه بكى من خوف الله تعالى وذلك البكاء انما نزل من اربعة اجفان اثنان دون اثنين فاستحق به جنتين دون جنتين فحصل له اربع جنان لبكائه باربعة اجفان وقيل أنه تعالى قابل الجمع بالجمع فى قوله جزآؤهم عند ربهم جنات وهو يقتضى مقابلة الفرد بالفرد فيكون لكل مكلف جنة واحدة لكن ادنى تلك الجنات مثل الدنيا بما فيها عشر مرات كذا روى مرفوعا ويدل عليه قوله تعالى وملكا كبيرا او الالف واللام فى الانهار للتعريف فتكون منصرفة الى الانهار المذكورة فى القرءآن وهى نهر الماء ونهر اللبن ونهر العسل ونهر الخمر وفى توصيفها بالجرى بعد ما جعل الجنات الموصوفة جزآء اشارة الى مدحهم بالمواظبة على الطاعات كأنه تعالى يقول طاعتك كانت جارية ما دمت حيا على ما قال واعبد ربك حتى يأتيك اليقين فلذلك كانت انهار كرمى جارية الى الابد { خالدين فيها ابدا } متنعمين بفنون النعم الجسمانية والروحانية وهو حال وذو الحال وعامله كلاهما مضمران يدل عليه جزاؤهم والتقدير يجزون بها خالدين فيها وقوله ابدا ظرف زمان وهو تأكيد للخلود اى لا يموتون فيها ولا يخرجون منها { رضى الله عنهم } استئناف مبين لما يتفضل به عليهم زيادة على ما ذكر من اجزية اعمالهم اى استئناف اخبار كأنه قيل تزاد لهم أو استئناف دعاء من ربهم فلذا فصل وقد يجعل خبرا بعد خبر وحالا بتقدير قد قال ابن الشيخ لما كان المكلف مخلوقا من جسد وروح وانه اجتهد بهما فى طاعة ربه اقتضت الحكمة ان يجزيه بما يتنعم ويستريح به كل واحد منهما فجنة الجسد هى الجنة الموصوفة وجنة الروح هى رضى الرب مصراع
جيست جنت روح را رضوان اكبر از خدا   
{ ورضوا عنه } حيث بلغوا من المطالب قاصيتها وملكوا من المآرب ناصيتها وابيح لهم ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر لا سيما انهم اعطوا لقاء الرب الذى هو المقصد الاقصى

السابقالتالي
2