الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَآءُ رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلْخَوَالِفِ وَطَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }

{ انما السبيل } بالمعاتبة { على الذين يستأذنونك } فى التخلف { وهم اغنياء } واجدون لاهبة الغزو مع سلامتهم رضوا } استئناف تعليل لما سبق كأنه قيل ما بالهم استأذنوا وهم اغنياء فقيل رضوا { بأن يكونوا مع الخوالف } اى النساء رضى بالدناءة وايثار للدعة { وطبع الله على قلوبهم } ومهر نهاد خداى تعالى ازخذلان بردلهاى ايشان حتى غفلوا عن وخامة العاقبة { فهم } بسبب ذلك { لا يعلمون } ابدا غائلة ما رضوا به وما يستتبعه آجلا كما لم يعلموا بخاسة شانه آجلا. قال ارسطوا الارتقاء الى السؤدد صعب والانحطاط الى الدناءة سهل. وسئل عيسى عليه السلام أى الناس اشرف فقبض قبضتين من تراب ثم قال أى هذين اشرف ثم جمعهما وطرحهما وقال الناس كلهم من تراب واكرمهم عند الله اتقاهم فالعلو والشرف فى التقوى واختيار المجاهدة على الراحة والحزن والبكاء على الفرح والسرور وفى الحديث " اقرب الناس الى الله يوم القيامة من طال حزنه وعطشه وجوعه ". وقال حكيم الدنيا سوق الآخرة والعقل قائد الخير والمال رداء التكبر والهوى مركب المعاصى والحزن مقدمة السرور قال الصائب
هر محنتى مقدمه راحتى بود شد همز بان حق جوزبان كليم سوخت   
وقد ذم الله تعالى اهل النفاق بالفرح والاستهزاء ومدح اهل الاخلاص بالحزن والبكاء وادى ضحك اولئك الى البكاء الكثير وبكاء هؤلاء الى الضحك الوفير وفى المثنوى
تانكريد ابركى خندد جمن تانكريد طفل كى جوشد لبن1 هركجا آب روان سبزه بود هركجا اشك روان رحمت شود2 باش جون دولاب نالان جشم تر تاز صحن جانت بررويد خضر   
ثم ان الله تعالى انما يمنع المرء من مراده ليستعد له وليزداد شوقه الا ترى الى النبى عليه السلام كيف قاللا اجد ما احملكم عليه } التوبة 92. عزة وترفعا واستغناء ودلالا كما قال تعالى لموسى عليه السلام عند سؤاله بقولهرب أرنى انظر اليك قال لن ترانى } الاعراف 143. ليزيد بهذا المنع والتعزر شوق موسى عليه السلام فكان منع النبى عليه السلام منهم من هذا القبيل فزادهم الشوق والحرص على الغزو فلما غلب الشوق وزاد الطلب اعطوا مامولهم واجيب سؤلهم كاسبق وهذه حال الصورة وقس عليها حال المعنى فكما ان الفرح فى عالم الصورة لا يقدر على الطيران قبل نبات الجناح وهو من الشعر فكذا العاشق لا يقدر على الطيران فى عالم المعنى قبل وجود الجناح وهو من العلم والعمل والشوق الى المولى والتوجه الى الحضرة العليا وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " رأيت جعفر بن ابى طالب ملكا يطير فى الجنة ذا جناحين يطير بهما حيث شاء مخضوبة قوادمه بالدماء " قال الامام المنذرى وكان جعفر قد ذهبت فى يداه فى سبيل الله يوم موته فابد له الله بهما جناحين فمن اجل ذا سمى جعفر الطيار.

السابقالتالي
2