الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيراً جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ }

{ فليضحكوا } ضحكا { قليلا } فى الدنيا وهو اشارة الى مدة العمر وعمر الدنيا قليل فكيف عمر من فى الدنيا فانه اقل من القليل { وليبكوا } بكاء { كثيرا } فى الآخرة فى النار { جزاء } مفعول له للفعل الثانى اى ليبكوا جزاء { بما كانوا يكسبون } من فنون المعاصى وهذا لفظ امر ومعناه خبر اى يضحكون قليلا ويبكون دائما وانما اخرج فى صورة الامر للدلالة على تحتم وقوع المخبر به فان امر الآمر المطاع مما لا يكاد يتخلف عند المأمور به -يروى- ان اهل النفاق يبكون فى النار عمر الدنيا لا يرقأ لهم دمع ولا يكتحلون بنوم وفى الحديث " يرسل الله البكاء على اهل النار فيبكون حتى تنقطع الدموع ثم يبكون الدم حتى ترى وجوههم كهيئة الاخدود ". ويجوز ان يكون الضحك كناية عن الفرح والبكاء عن الغم وان تكون القلة عبارة عن العدم والكثرة عن الدوام يعنى فردا ايشانرا غمى باشد بى فرح واندوهى بى سرور فيكون وقت الضحك والبكاء فى الآخرة. ويجوز ان يكون وقتهما فى الدنيا اى هم لما هم عليه من الخطر مع رسول الله وسوء الحال بحيث ينبغى ان يكون ضحكهم قليلا وبكاؤهم من اجل ذلك كثيرا نحو قوله عليه السلام لامته " لو تعلمون ما اعلم لبكيتم كثيرا وضحكتم قليلا " قال ابن عمر رضى الله عنهما " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فاذا قوم يتحدثون ويضحكون فوقف وسلم عليهم فقال " اكثروا ذكرها ذم اللذات " قلنا وماها ذم اللذات قال " الموت ". قال الصائب
برغفلت سياه دلان خنده ميزند غافل مشوز خنده داندن نماى صبح   
ومر الحسن البصرى بشاب وهو يضحك فقال له يا بنى هل مررت على الصراط فقال لا فقال هل تدرى الى الجنة تصير ام الى النار فقال لا فقال ففيم هذا الضحك فما رؤى الفتى بعد ذلك يضحك -قيل- لما فارق موسى الخضر عليهما السلام قال اياك واللجاجة ولا تكن مشاء الا لحاجة ولا ضحاكا من غير عجب كان وابك على خطيئتك يا ابن عمران. قال محمد بن واسع اذا رأيت رجلا فى الجنة يبكى ألست تعجب من بكائه قال بلى قال فالذى يضحك فى الدنيا ولا يدرى الى ما يصير هو اعجب منه. وعن وهيب بن منبه انه قال ان زكريا عليه السلام فقد ابنه يحيى عليه السلام فوجده مضطجعا على قبر يبكى فقال يا بنى ما هذا البكاء قال اخبرتنى امى ان جبريل اخبرك ان بين الجنة والنار مفازة ذات لهب لا يطفئ حرها الا الدمع فقال زكريا ابك يا بنى ابك.

السابقالتالي
2