الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنْهُمُ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلنَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ }

{ ومنهم } اى من المنافقين كالجلاس بن سويد واحزابه { الذين يؤذون النبى } بان يقولوا فى حقه ما يتأذى به الانسان { ويقولون } اذا قيل لهم من قبل بعضهم لا تفعلوا هذا الفعل فانا نخاف ان يبلغه ما تقولون فتفضحوا { هو } اى النبى عليه السلام { اذن } يسمع كل ما قيل له يعنى انا نقول ما شئنا ثم نأتيه فننكر ما قلنا ونحلف فيصدقنا بما نقول انما محمد اذن سامعة اى صاحبها وانما سموه اذنا مبالغة فى وصفه باستماعه كل ما يقال وتصديقه اياه حتى صار بذلك كأنه نفس الاذن السامعة يريدون بذلك انه ليس له ذكاء ولا بعد غور بل هو سليم القلب سريع الاغترار بكل ما يسمع فيسمع كلام المبلغ اولا فيتأذى منه ثم اذا وقع الانكار والحلف والاعتذار يقبله ايضا صدقا كان او كذبا وانما قالوه لانه عليه السلام كان لا يواجههم بسوء ما صنعوا ويصفح عنهم حلما وكرما فظن اولئك انه عليه السلام انما يفعله لقلة فطنته وقصور شهامته { قل } هو { اذن خير لكم } من اضافة الموصوف الى صفته كرجل صدق والمعنى نعم انه اذن لكنه نعم الاذن فان من يسمع العذر ويقبله خير ممن لا يقبله لانه انما ينشأ من الكرم وحسن الخلق سلم الله تعالى قول المنافقين فى حقه عليه السلام انه اذن الا انه حمل ذلك القول على ما هو مدح له وثناء عليه وان كانوا قصدوا به المذمة { يؤمن بالله } تفسير لكونه اذن خير لهم اى يقربه لما قام عنده من الادلة الموجبة له فيسمع جميع ما جاء من عنده ويقبله وكون ذلك خيرا للمخاطبين كما انه خير للعالمين مما لا يخفى { ويؤمن للمؤمنين } اى يسلم لهم قولهم ويصدقهم فيما اخبروا به لما علم من خلوصهم وصدقهم ولا شك ان ما اخبر به المؤمنون الخلص يكون حقا فمن استمعه وقبله يكون اذن خير. واللام مزيدة للتفرقة بين الايمان المشهور وهو ايمان الامان من الخلود فى النار الذى هو نقيض الكفر بالله فانه يعدى بالباء حملا للنقيض على النقيض فيقال آمن بالله ويؤمنون بالغيب وبين الايمان بمعنى التصديق والتسليم والقبول فانه يعدى باللام مثل وما انت بمؤمن لنا اى بمصدق { ورحمة } عطف على اذن خير وهو رحمة بطريق اطلاق المصدر على الفاعل للمبالغة { للذين آمنوا منكم } اى للذين اظهروا الايمان منكم وهم المناقفون حيث يقبله منهم لكن لا تصديقا لهم فى ذلك بل رفقا بهم وترحما عليهم ولا يكشف اسرارهم ولا يهتك استارهم. قال الكاشفى يعنى نه آنست كه بقول شمادانا نيست صدق وكذب شمارا ميداند اما برده ازروى كارشما برنميدارد وازروى رحمت باشما رفق مينمايد فالواجب على المؤمن الاقتداء بالرسول المختار فى التحفظ عن كسف الاسرار والتحقق بالاسم الستار { والذين يؤذون رسول الله } بالقول او الفعل { لهم عذاب اليم } عذابى دردناك در آخرت بسبب ايذائه فانه قد تبين انه عليه السلام خير ورحمة لهم فاذاه مقابلة لاحسانه بالاساءة فيكون مستوجبا للعذاب الشديد وكان المنافقون يتكلمون بالمطاعن ثم يأتون المؤمنين فيعتذرون اليهم ويؤكدون معاذيرهم بالايمان ليعذروهم ويرضوا عنهم فقال تعالى { يحلفون بالله لكم } ايها المؤمنون انهم ما قالوا ما نقل اليكم مما يورث اذية النبى عليه السلام { ليرضوكم } بذلك { والله ورسوله احق ان يرضوه } بالتوبة وترك الطعن والعيب والمبالغة فى باب الاجلال والاعظام مشهدا ومغيبا واما قبول عذرهم وعدم تكذيبهم فهو ستر عيوبهم لا عن رضى بما فعلوا.

السابقالتالي
2