الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا ٱلصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱلْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَٱلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَٱلْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }

{ انما الصدقات } اى جنس الزكوات المشتملة على الانواع المختلفة من النقدين وغيرهما سميت الزكاة صدقة لدلالتها على صدق العبد فى العبودية كما فى الكافى. وذكر فى الازاهير ان تركيبها يدل على قوة فى الشيء قولا وفعلا وسمى بها ما يتصدق به لان بقوته يرد البلاء وقيل لان اول عامل بعثه صلى الله عليه وسلم لجمع الزكاة رجل من بنى صدق بكسر الدال وهم قوم من كندة والنسبة اليهم صدقى بالفتح فاشتقت الصدقة من اسمهم { للفقراء والمساكين } اى مخوصة بهؤلاء الاصناف الثمانية الآتية لا تتجاوزهم الى غيرهم من المنافقين والفقير من له شيء دون نصاب والمسكين من لا شيء له وهو المروى عن ابى حنيفة وقيل بالعكس وفائدة الخلاف تظهر فى الوصية او المسكين { والعاملين عليها } الساعى فى جمعها وتحصيلها فيعطى العامل مما فى يده من مال الزكاة بقدر عمله فقيرا كان او غنيا او هاشميا فلو ضاع ذلك المال لم يعط شيئاً وكذا لو اعطى المالك بنفسه زكاته الى الامام لا يستحق العامل شيئاً وفى التبيين لو استغرقت كفاية الزكاة لا يزاد على النصف لان التنصيف عين الانصاف { والمؤلفة قلوبهم } وهم طائفة مخصوصة من العرب لهم قوة واتباع كثيرة منهم مسلم ومنهم كافر قد اعطوا من الصدقة تقريرا على الاسلام او تحريضا عليه او خوفا من شرهم { وفى الرقاب } اى وللصرف فى فك الرقاب اى فى تخليصها من الرق بان يعان المكاتبون بشيء منها على اداء بدل كتابتهم لا للرقاب فان المكاتب لا يستحق المال ولا يملكه بل يملكه مولاه وكذا مال المديون يملكه الدائن فالعدول عن اللام للدلالة على ان استحقاق الاربعة الاخيرة ليس لذواتهم اى لكونهم مكاتبا ومديونا ومجاهدا ومسافرا حتى يتصرفوا فى الصدقة كيف شاؤا كالاربعة الاول بل لجهة استحقاقهم كفك الرقبة من الرق وتخليص الذمة من مطالبة من له الحق والاحتياج الى ما يتمكن به من الجهاد وقطع المسافة ووجه الدلالة ان فى قد تستعمل لبيان السبب كما يقال عذب فلان فى سرقة لقمة اى بسببها والمراد مكاتب غيره ولو غنيا فيعطى ما عجز عنه فيؤدى الى عنقه. والرقاب جمع رقبة وهى يعبر بها عن الجملة وتجعل اسما للمملوكة { والغارمين } اى الذين تدينوا لانفسهم فى غير معصية اذا لم يكن لهم نصاب فاضل عن ديونهم والغارم والغريم وان كان يطلق كل واحد منهما على من له الدين الا ان المراد بالغارم فى الآية الذى عليه الدين وان المديون قسمان. الاول من ادّان لنفسه فى غير معصية فيعطى له من الزكاة ما يفى بدينه بشرط ان لا يكون له من المال ما يفى بدينه وان كان له ذلك فلا يعطى.

السابقالتالي
2 3 4