الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِذَا ٱنسَلَخَ ٱلأَشْهُرُ ٱلْحُرُمُ فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَٱحْصُرُوهُمْ وَٱقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَٰوةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

{ فاذا انسلخ } اى انقضى استعير له من الانسلاخ الواقع بين الحيوان وجلده { الاشهر الحرم } وانفصلت عما كانت مشتملة عليه ساترة له انفصال الجلد عن الشاة وانكشفت عنه انكشاف الحجاب عما وراءه وتحقيقه ان الزمان محيط بما فيه من الزمانيات مشتمل عليه اشتمال الجلد للحيوان وكذا كل جزء من اجزائه الممتدة من الايام والشهور والسنين فاذا مضى فكأنه انسلخ عما فيه ووصفت الاشهر بالحرم وهى جمع حرام لان الله تعالى حرم فيها القتال وهى شوال وذو القعدة وذو الحجة والمحرم التى ابيح للناكثين ان يسيحوا فيها لا الاشهر الدائرة فى كل سنة وهى رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم لان نظم الاية يقتضى توالى الاشهر المذكورة وهذه ليست كذلك لان ثلاثة منها سرد وواحد فرد { فاقتلوا المشركين } الناكثين ابد الآباد. فهذه الآية ناسخة لكل آية فى القرآن فيها ذكر الاعراض عن المشركين والصبر على ايذائهم على وفق ما اجمع عليه جمهور العلماء { حيث وجدتموهم } ادركتموهم فى حل او حرم { وخذوهم } اى ائسروهم والاخيذ الاسير { واحصروهم } الحصر المنع والمراد اما حبسهم ومنعهم عن التبسط والتقلب فى البلاد او منعهم عن المسجد الحرام { واقعدوا لهم كل مرصد } اى كل ممر ومجتاز يجتازون منه فى اسفارهم وانتاصبه على انه ظرف لاقعدوا اى ارصدوهم فى كل مكان يرصد فيه وارقبوهم حتى لا يمروا به وهذا امر لتضييق السبيل عليهم فليس معناه حقيقة القعود. قال الكاشفى { بسته كردانيد برايشان راهها تا منتشر نشوند در بلاد وقرى { فان تابوا } عن الشرك بالايمان حسبما اضطروا بما ذكر من القتل والاسر والحصر { واقاموا الصلوة وآتوا الزكوة } تصديقا لتوبتهم وايمانهم واكتفى بذكرهما عن بقية العبادات لكونهما رئيسى العبادات البدنية والمالية { فخلوا سبيلهم } فدعوهم وشأنهم لا تتعرضوا لهم بشئ مما ذكر. قال القاضى فى تفسيره فيه دليل على ان تاركى الصلاة ومانعى الزكاة لا يخلى سبيلهم انتهى. وعن ابى حنيفة رحمه الله ان من ترك الصلاة ثلاثة ايام فقد استحق القتل. قال الفقهاء الكافر اذا اكره على الاسلام فأجرى كلمة الاسلام على لسانه يكون مسلما فاذا عاد الى الكفر لا يقتل ويجبر على الاسلام كما فى هدية المهديين للمولى اخى جلبى. وفيه ايضا كافر لم يقر بالاسلام الا انه اذا صلى مع المسلمين بجماعة يحكم باسلامه وبلا جماعة لا وان صام او حج او ادى الزكاة لا يحكم باسلامه فى ظاهر الرواية وفى اخرى انه ان حج على وجه الذى يفعله المسلمون فى الاتيان بجميع الاحكام والتلبية وشهود كل المناسك يصير مسلما { ان الله غفور رحيم } تعليل للامر بتخلية السبيل اى فخلوهم فان الله يغفر لهم ما سلف من الكفر والغدر لان الايمان يجب ما قبله اى يقطعه كالحج ويثيبهم بايمانهم وطاعتهم.

السابقالتالي
2