الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ٱئْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلا فِي ٱلْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَافِرِينَ }

{ ومنهم } اى من المنافقين { من يقول } لك يا محمد { ائذن لى } فى القعود عن غزوة تبوك { ولا تفتنى } من فتنه يفتنه اوقعه فى الفتنة كفتنته وافتتنه يلزم ويتعدى كما قال فى تاج المصادر الفتون والفتن دوفتنه افكندن وفتنه شدن والمعنى لا توقعنى فى الفتنة وهى المعصية والاثم يريد انى متخلف لا محالة اذنت او لم تأذن فأذن لى حتى لا اقع فى المعصية بالمخالفة او لا تلقنى فى الهلكة فأنى ان خرجت معك هلك مالى وعيالى لعدم من يقوم بمصالحهم { ألا } بدانكه { فى الفتنة } اى فى عينها ونفسها واكمل افرادها { سقطوا } لا فى شيء مغاير لها وهى فتنة التخلف ومخالفة الرسول وظهور النفاق. يعنى انهم وقعوا فيما زعموا انهم محترزون عنه فالفتنة هى التى سقطوا فيها لا ما احترزوا عنه من كونهم مأمورين بالخروج الى غزوة تبوك { وان جهنم لمحيطة بالكافرين } معطوف على الجملة السابقة داخل تحت التنبيه اى جامعة للمنافقين وغيرهم من الكفار يوم القيامة من كل جانب اى انهم يدخلون جهنم لا محالة لان الشيء اذا كان محيطا بالانسان فلانه لا يفوته كما فى الحدادى او جامعة لهم الآن لاحاطة اسبابها من الكفر والمعاصى وقيل تلك المبادى المتشكلة بصور الاعمال والاخلاق هى النار بعينها ولكن لا يظهر ذلك فى هذه النشأة وانما يظهر عند تشكلها بصورها الحقيقة فى النشأة الآخرة وقس عليها الاعمال والاخلاق المرضية ألا ترى ان دم الشهيد يتشكل بصورة المسك فلا يفوح منه الا المسك كما ورد فى الشرع. وقال بعضهم هذه الآية نزلت فى جد بن قيس من المنافقين دعاه النبى عليه السلام الى الخروج الى العدو وحرضه على الجهاد " فقال له يا جد بن قيس هل لك فى جلاد بنى الاصفر " يعنى طوال القدّ منهم فان الجلاد من النخل هى الكبار الصلاب " تتخذ منهم سرارى ووصفاء " فقال جد ائذن لى فى القعود ولا تفتنى بذكر نساء الروم فانه قد علمت الانصار انى رجل مولع بالنساء اى مفرط فى التعلق بهن فاخشى ان ظفرت ببنات الاصفر ان لا اصبر عنهن فاواقعهن قبل القسمة فاقع فى الفتنة والاثم فلما سمع النبى عليه السلام قوله اعرض عنه وقال " اذنت لك " ولم يقبل الله تعالى عذر جد وبين انه وقع فى الفتنة بمخالفة النبى عليه السلام والمراد ببنى الاصفر الروم وهم جيل من ولد روم بن عيصو بن اسحق بن ابراهيم عليهم السلام والوجه فى تسمية الروم ببنى الاصفر ان ملوك الروم انقضوا فى الزمان الاول فبقيت منهم امرأة فتنافسوا فى الملك حتى وقع بينهم شر عظيم فاتفقوا على ان يملكوا اول من اشرف عليهم فجلسوا مجلسا لذلك وأقبل رجل من اليمن معه عبد له حبشى يريد الروم فابق العبد فاشرف عليهم فقالوا انظروا فى أى شيء وقعتم فزوجوه تلك المراة فولدت غلاما فسموه الاصفر فخاصمهم المولى فقال صدق انا عبده فارضوه فلذلك قيل للروم بنوا الاصفر لصفرة لون هذا الولد لكونه مولدا بين الحبشى والمرأة البيضاء.

السابقالتالي
2