الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لاَّتَّبَعُوكَ وَلَـٰكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ ٱلشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَوِ ٱسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } * { عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ ٱلْكَاذِبِينَ }

{ لو كان } آورده اندكه جون حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم مردمانرا بغزوه تبوك اشارت فرمود ايشان سه فرقه شدند. جمعى مسارعت نمودند وفرمانرا بسمع اطاعت شنودندوآن اكابر مهاجرين وانصار بودند. وبعضى ضعفاء مؤمنانرا كران آمد فرمان خدا وحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم برهواى نفس اختيار كردند. وبرخى دستورى اقامت وتخلف طلبيدند وآنها منافقان بودند ودرشان ايشان نازل شد كه لو كان يا محمد ما دعوتهم اليه فاسم كان محذوف دل عليه ما قبله { عرضا قريبا } العرض ما عرض لك من نافع الدنيا اى غنما سهل المأخذ قريب المنال { وسفراً قاصدا } ذا قصد وتوسط بين القريب والبعيد ففاعل بمعنى ذى قصد كلابن وتامر بمعنى ذى لبن وذى تمر وسمى السفر سفرا لانه يسفر اى يكشف عن اخلاق الرجال { لاتبعوك } فى الخروج طمعا فى المال وتعليق الاتباع بكلا الامرين يدل على عدم تحققه عند توسط السفر فقط { ولكن بعدت عليهم الشقة } اى المسافة الشاقة التى تقطع بمشقة { وسيحلفون بالله } السين للاستقبال اى سيحلف المتخلفون عن الغزو اذا رجعتم اليهم من غزوة تبوك وقد صنع كما اخبر فهو من جملة المعجزات النبوية { لو استطعنا } اى قائلين لو كان لنا استطاعة من جهة العدة او من جهة الصحة او من جهتهما جميعا { لخرجنا معكم } اى الى الغزاة. فقوله بالله متعلق بسيحلفون. وقوله لخرجنا ساد مسد جوابى القسم والشرط جميعا لان قولهم لو اسطعنا فى قوة بالله لو استطعنا فيكون بالله قسما { يهلكون انفسهم } بدل من سيحلفون لان الحلف الكاذب اهلاك للنفس ولذلك قال عليه الصلاة والسلام " اليمين الفاجرة تدع الديار بلاقع " جمع بلقع وبلقعة وهى الارض القفر التى لا شيء بها والمرأة البلقعة الخالية من الخير يعنى من حلف عمدا كذبا لاجل الدنيا وزيادة المال وبقاء الجاه فقد تعرض لزوال ما فى يده من المال والجاه وبزواله يفتقر وتخرب داره من البركة وفى الحديث " اليمين الكاذبة منفقة للسلعة ". اى سبب لنفاقها ورواجها فى ظن الحالف " ممحقة للكسب ". اى سبب لمحق بركة المسكوب وذهابها اما بتلف يلحقه فى ماله او بانفاقه فى غير ما يعود نفعه اليه فى العاجل او ثوابه فى الآجل او بقى عنده وحرم نفعه او ورثه من لا يحمده { والله يعلم انهم لكاذبون } اى فى مضمون الشرطية وفيما ادعوا ضمنا من انتفاء تحقيق المقدم حيث كانوا مستطيعين للخروج ولم يخرجوا { عفا الله عنك لم اذنت لهم } لام لم ولام لهم متعلقتان بالاذن لاختلافهما فى المعنى فان الاولى للتعليل والثانية للتبليغ والضمير المجرور لجميع المستأذنين اى لأى سبب اذنت لهم فى التخلف حين اعتلوا بعللهم.

السابقالتالي
2 3